صرَّحوا بأنَّ مداواة الإنسان بشيءٍ نَجِسٍ جائزٌ عند الضرورة التي صَوَّروها بعدم وجود شيءٍ طاهرٍ، ولو فُرِضَ أنَّه لا توجد ضرورة وحصلت المداواة بالنَّجِس، وكان قَلْعُه فيه ضررٌ، لا يُنْزعُ وتصحُّ الصلاة به.
وهناك قولٌ بأنَّ الجزء النجس إذا اكْتسى لحماً لا يُنْزع وإن لم يُخَفْ الهلاك.
كما أنَّ الحنفيَّة قالوا: إذا قَضَتِ الضرورة بِوَصْل العَظْم المكسور بعَظْمٍ نَجِسٍ فلا حَرَج ولا إثم، ما دام يتعذَّر نَزْعُه إلَّا بضَررٍ.
بعد عرض هذه الأقوال (المُلَخَّصَة من بحث الشيخ جاد الحق علي جاد الحق) أقول: زَرْعُ بَنْكِرياس خنزير مكان بنكرياس الإنسان؛ لأنَّه علاجٌ فعَّالٌ لمرضٍ منتشرٍ لا يقومُ غيرُه الآن مقامه، لا بأس به. والرأيُ القائلُ بالجواز وعدم النَّزْع إذا اكْتَسَى العَظْمُ لَحْماً يُؤيِّد ما أقول، وبخاصَّة أنَّ البَنْكِرياس سَيُزرع في باطن الجسم لا في ظاهره، وباطن الجسم مملوءٌ بما نَحْكُم عليه بالنجاسة لو خرج إلى الظاهر؛ كالبَوْل والبُرَاز والدَّم، ونُصَلِّي ونحن حاملون لذلك؛ لأنَّنا لا نستغني عنه بالطبيعة، فكيف لا يكون ما يُزْرَع في الدَّاخل من الشيء النَّجِس كهذه الأشياء؟ وإذا تَحدَّث البعض [عن] الحكم وقال: تجوز الصلاة مع الوَصْل بالعَظْم النَّجِس، ورَتَّب الحكم على النجاسة، فإنَّ من ابتلع شيئاً نَجِساً محتاجاً إليه في العلاج كانت صلاته صحيحة، ولا حاجة إلى تطهير شيءٍ، اللَّهُمَّ إلَّا الفَمَ الذي ابتلع منه الدَّواء وما وقع على ظاهر الجسم، بصَرْف النظر عن كون الابتلاع حَراماً أو حلالًا، حسب الحاجة والضرورة وعدمها؛ لأنَّ الابتلاع أَكْلٌ أو شُرْبٌ، يُنْظَر فيه إلى المادَّة إن كانت حَراماً أو حَلالًا. ولو دَخَلَت المادَّة النَجِسَة إلى الجسم بغير طريق الأَكْل والشُّرْب