للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِى قَائِمًا، وَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِىَ جَالِسًا، وَكَانَ يَقُولُ فِى كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَةَ، وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ

ــ

وقوله: " كان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوى جالسًا ": حجة فى لزوم الاعتدال فيما بين السجدتين.

وقوله: " كان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى وينهى عن عقبة الشيطان " (١)، وفى الحديث الآخر: " كان إذا قعد (٢) اطمأن على فخذه اليسرى " (٣): فى ظاهر هذا حجة لأبى حنيفة فى هيئة الجلوس فى الصلاة.

قال الإمام: اختلف فى هيئة الجلوس فى التشهدين، فقال أبو حنيفة: يجلس على قدمه اليسرى فيهما، وقال مالك: يثنى اليسرى وينصب اليمنى (٤)، ووافقه الشافعى على هذا فى الجلسة الآخرة، ووافقه أبا حنيفة فى الجلسة الأولى (٥)، وقال أصحاب الشافعى: فى التفرقة فائدتان: إحداهما: أن الإمام يتذكر [بهيئة] (٦) جلوسه هل هو فى الأولى أم فى الآخرة؟ ويرجع لذلك إذا نسى، والثانية: أن يكون من دخل وهو جالس يعلم هل انقضت صلاته أم لا؟

قال القاضى: جلسات الصلاة أربع: الآخرة: وهى متفق على وجوبها إِلا ابن علية، والواجب منها عند مالك مقدار ارتفاع السلام، وعند أحمد والشافعى مقدار التشهد، وصفتها كما تقدم فى الحديث، وما ذكر فيها من الخلاف.

والثانية: الجلسة الوسطى وهى سنة عند جمهور العلماء إِلا أحمد فى طائفة من أصحاب الحديث، فهى على قولهم واجبة، لأن تشهدها عندهم واجب، وإلى نحو هذا مال أحمد بن نصر الداودى من أصحابنا، واختلف فى صفتها كما تقدم، وأحمد يوافق الشافعى إِلا أنه يجعل جلسة الصبح كالجلسة الوسطى (٧).

والثالثة: الجلسة بين السجدتين، واختلف فيها هل هى فرض أو سنة؟ ولا خلاف فى مقدار ما يقع به الفصل بين السجدتين أنه فرض، وصفتها عند مالك كالجلستين المتقدمتين عندنا، وأبو حنيفة يسّوى بين الجلوس كله على ما تقدم وقد ذهبت جماعة من


(١) فى المطبوعة: وكان ينهى عن عُقْبَة الشيطان.
(٢) فى المطبوعة: وإذا قعد، بغير (كان).
(٣) سبق فى الباب برقم (٢٣٨).
(٤) ويفضى بإليتيه إلى الأرض، وهذا كله عنده فى كل جلوس فى الصلاة هكذا، والمرأة والرجل فى ذلك كله عنده سواء. التمهيد ١٩/ ٢٦٥.
(٥) وتمام مذهب أبى حنيفة فيه أنه ينصب اليمنى ويقعد على اليسرى، وهو قول الثورى. والمرأة عندهم تقعد كأيسر ما يكون لها، وقال الثورى: تسدل رجليها من جانب واحد، وقال الشعبى: تقعد كيف تيسر لها.
قال أبو عمر: وكان عبد الله بن عمر يأمر نساءه أن يجلسن فى الركعتين والأربع متربعات. السابق ١٩/ ٢٤٨.
(٦) ساقطة من ع.
(٧) لأنه عنده كالجلوس فى ثنتين، وهو قول داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>