للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢) بَاب تَقْدِيمِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّطَوُّعِ بِالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

٧ - (٢٥٥٠) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِى رَافِعٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ جُرَيْجٌ يَتَعَبَّدُ فِى صَوْمَعَةٍ. فَجَاءَتْ أُمُّهُ.

قَالَ حُمَيْدٌ: فَوَصَفَ لَنَا أَبُو رَافِعٍ صِفَةَ أَبِى هُرَيْرَةَ لِصِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّهُ حِينَ دَعَتْهُ، كَيْفَ جَعَلَتْ كَفَّهَا فَوْقَ حَاجِبِهَا، ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا إِلَيْهِ تَدْعُوهُ. فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُمُّكَ، كَلِّمْنِى. فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّى. فَقَالَ: اللَّهُمَّ، أُمِّى وَصَلَاتِى. فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ. فَرَجَعَتْ ثُمَّ عَادَتْ فِى الثَّانِيَةِ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُمُّكَ، فَكَلِّمْنِي. قَالَ: اللَّهُمَّ، أُمِّى وَصَلَاتِى. فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ. فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ، إِنَّ هَذَا جُرَيْجٌ، وَهُوَ ابْنِى، وَإِنِّى كَلَّمْتُهُ فَأَبَى أَنْ يُكَلِّمَنِى. اللَّهُمَّ، فَلَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ.

ــ

قوله: وذكر مسلم حديث جريج العابد وأن أمه دعته ليكلمها وهو يصلى، فلم يقطع صلاته، وأنها فعلت ذلك ثلاثة أيام، فدعت عليه، قال الإمام: ذكر أنها دعت عليه [أنه] (١) لا يموت حتى تريه المومسات. قال: " ولو دعت عليه أن يفتن لفتن ". وهذا مما ينبغى أن يتأصل؛ لأنه إن كان تماديه على الصلاة هو أولى من إجابة أمه، فإنه غير عاصٍ فى فعله، ولا ملوم فكيف تدعو عليه فيستجاب دعوتها فيه، وهو لم يظلمها، وإن كان عنده أنَّ قطع الصلاة هو الواجب فى شرعه، فحينئذ يكون ملومًا. على أن قوله: " اللهم أمى وصلاتى " يؤذن بتردده فى هذا، وإنه لم يكن ذلك عنده شرعًا بينًا، ولعل أمه تأولت أنه عقها؛ فدعت عليه فوافق القدر.

وكذلك قوله - عليه الصلاة والسلام -: " لو دعت عليه أن يفتتن لفتن " يكون ذلك بمعنى أنه كان سبق فى معلوم الله تعالى أن يفتن بدعائها، إلا أن يكون عاصيًا بالتمادى فلا يحتاج ذلك إلى اعتذار.

وهذا الحديث على صحته يؤكد قول الأشعرية فى إثبات كرامات الأولياء. وانخراق العادة لهم.


(١) فى ح: أن.

<<  <  ج: ص:  >  >>