للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٦) باب فضل إنظار المعسر]

٢٦ - (١٥٦٠) حدّثنا أَحْمدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ؛ أَنَّ حُذَيْفَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَلَقَّتِ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ منَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا. قَالوا: تَذَكَّرْ. قَالَ: كُنْتُ أُدَاينُ النَّاسَ، فَآمُرُ فِتْيَانِى أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعِسَرَ وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ. قَالَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَجَوَّزُوا عنهُ ".

٢٧ - (...) حدّثنا عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لاِبْنِ حُجْرٍ - قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِى هِنْدٍ، عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: اجْتَمَعَ حُذَيْفَةُ وَأَبُو مَسْعُودٍ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: " رَجُلٌ لَقِىَ رَبَّهُ فَقَالَ: مَا عَمِلْتَ؟ قَالَ: مَا عَمِلْتُ مِنَ الْخَيْرِ، إِلَّا أَنِّى كُنْتُ رَجُلاً ذَا مَالٍ، فَكُنْتُ أُطَالِبُ بِهِ النَّاسَ. فَكُنْتُ أَقْبَلُ الْمَيْسُورَ

ــ

وذكر مسلم حديث حذيفة فى ثواب إنظار المعسر والتجاوز عن الموسر. ومعنى الإنظار: التأخير، وهو بمعنى قوله فى الرواية الأخرى فى رواية أبى قتادة: " فلينفس عن معسر "، أى يؤخر ويملى له فى الأجل، ومنه: قوله تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (١) أى إذا امتد حتى يصير نهارًا بينًا، ومنه: نفس الله فى أجله، وقد يكون معنى " ينفس عن معسر ": أى يُفَرِّج. وفيه فى الحديث: " من نفس عن مسلم كربة " (٢) أى فرج، وفى الرواية الأخرى: " فآمر فتيانى وفى الرواية الأخرى: " غلمانى أن ينظروا المعسر، ويتجوزوا عن الموسر ": والتجاوز والتجوز: المسامحة فى الاقتضاء، كما فى الرواية الأخرى. والتجاوز فى هذا كله. فجعل التجاوز والمسامحة والإنظار للمعسر وحسن المعاملة، وأن الله قد تجوز عنه بذلك، وغفر ذنوبه، وأنه لا يُستحقر شىء من فعل الخير، أو لأمرهم بالحض عليه، وأن الله قد يفسح لعبده ويتجاوز عنه، وينجيه من عذابه بالقليل من عمل الخير، كمثل هذا الذى قد اعترف أنه لم يعمل من الخير شيئًا إلا هذه المسامحة والإنظار. وفيه جواز الإذن للمعسر فى التجارة، وتوكيله عليها وعلى الهبات والتأخير.

وقوله فى الحديث الآخر: " أَقْبَلُ الميسور وأتجاوز عن المعسور ": قال شيوخنا: أقبل


(١) التكوير: ١٨.
(٢) سيأتى فى ك الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، ب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>