للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٣٠) باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت فى المسجد، وأن الأرض تطهر بالماء من غير حاجة إلى حفرها]

٩٨ - (٢٨٤) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أنسٍ؛ أَنَّ أعْرَابِيًا بَالَ فِى الْمَسْجِدِ، فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْقَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دَعُوهُ وَلا تُزْرِمُوهُ " قَالَ: فَلَمَّا فَرغَ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ، فَصَبَّهُ عَلَيْهِ.

ــ

ذكر فى الحديث أن أعرابيًا بال فى المسجد [فقام إليه بعض القوم] (١)، وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دعوه، لا تَزْرموه " بتقديم الزاى " فلما فرغ دعا بدلو فصبَّه عليه "، وفى الحديث الآخر: " بذنوب "، الذَنوب، بالفتح، الدلو مملوءةً ماءَ.

قال الإمام: قوله: " دعوهُ ": يحتمل أن يكون خشى إن قامَ على ذلك الحال نَجَّسَ مواضع كثيرةٍ فى المسجد، ويحتمل أن يكون خشى [إن قطع عليه] (٢) أن تَضُرَّ به الحقنَة.

قال القاضى: جاء فى آخر الحديث فى البخارى: " إنما بُعِثْتُم مُيَسِّرين ولم تُبعثوا معسِّرين " (٣)، وهذا يُبِّين أن مقصِده الرفقُ بالجاهل، والنهى عن الجفاء والأغلاظ لقوله فى الحديث: " فتناولَه الناسُ " وفى ضمن ذلك ما ذكره من خوف قيامه على تلك الحال، فينجِّس ثيابه ومواضع كثيرة من المسجد غير الأول.

وفى قوله: " لا تزرموه " - فى الحديث الآخر - بيان ذلك وخوف الإضرار به. قال الخطابى: وفيه دليل أن الماء على اليُسر والسعَةِ فى إزالة النجاسات به، وأن غُسالة النجاسة طاهرة ما لم تبن به النجاسة، وقد اختلف على الشافعى فى طهارة الغُسالة. قال الهروى فى شرحه الحديث الذى قال فيه: " بال الحسن فأُخِذ من حجره فقال: لا تُزرموا ابنى " يقول: لا تقطعوا عليه بوله، والإزرام القطع، وزرِم البولُ انقطع (٤).

وأما صبُ الدلو على بول الأعرابى فاحتج به أصحابنا على الشافعى (٥)؛ لقوله: إن الماء اليسير إذا حلَّت فيه النجاسَةُ اليسيرةُ عاد نجسًا وإن لم يتغيّر، وانفصل بعض الشافعية عن ذلك بأن طُروَّ النجاسة على الماء بخلاف طروّ الماء عليها، ونحن لا نُسلِّم لهم التفرقة


(١) و (٢) من المعلم.
(٣) البخارى، فى الوضوء، ب صب الماء على البول فى المسجد ١/ ٦٥.
(٤) غريب الحديث ١/ ١٠٤.
(٥) الأم ١/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>