للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٦) باب ما أنفق العبد من مال مولاه]

٨٢ - (١٠٢٥) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، جَمِيعًا عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِى اللَّحْمِ، قَالَ: كُنْتُ مَمْلُوكًا، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أأتَصَدَّقُ مِنْ مَالِ مَوَالِىَّ بِشَىْءٍ؟ قَالَ: " نَعَمْ، وَالأجْرُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ ".

٨٣ - (...) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ - يَعْنِى ابْنَ إِسْمَاعِيلَ - عَنْ يَزِيدَ - يَعْنِى ابْنَ أَبِى عُبَيْدٍ - قَالَ: سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى آبِى اللَّحْمِ قَالَ: أَمَرَنِى مَوْلاىَ أَنْ أقَدِّدَ لَحْمًا، فَجَاءَنِى مِسْكِينٌ، فَأطْعَمْتُهُ مِنْهُ، فَعَلِمَ بِذَلِكَ مَوْلاىَ فَضَرَبَنِى، فَأتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَدَعَاهُ فَقَالَ. " لِمَ ضَرَبْتَهُ؟ " فَقَالَ: يُعْطِى طَعَامِى بِغَيْرِ أَنْ آمُرَهُ، فَقَالَ: " الأجْرُ بَيْنَكُمَا ".

ــ

وحديث عُمير مولى آبى اللّحْم وضرب مولاه له على صدقته باللحم، إذ لم يأذن له فى ذلك ولا صرف نظره إليه، وإنما أمَره أن يقدّده (*)، وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له: " الأجرُ بينكما " هو - والله أعلم - على معنى: إنْ طابت نفسك بذلك، وإلا فمن أعطى شيئاً من مال غيره بغير إذنه فَإثْمُ (١) [لا مأجور] (٢)، فإن كان متأولاً " كعمير " فله أجر وللسيد أجر بما أخذ من ماله، فإن طابت نفسه به بعد ذلك فله أجرُ صدقتهِ، ولعل مثل هذا أراد - عليه السلام - بقوله: " الأجرُ بينكما "، قيل: سُمى بآبى اللَّحم؛ لأنه كان لا يأكل ما ذُبح على النُصب والأصنام، وقيل: كان لا يأكل اللحم جملة، وقيل: إنما آبى اللحم بطنٌ من ليثٍ فى غفار، فمولى عُمير منهم لا أنه هو المسمى بهذا والمسمى بهذا الذى سمى به البطن هو الذى كان لا يأكل ما ذبح على النصب، وتخصيصه فى بعض الروايات بهذه الخصلة: " الخازن المسلم الأمين " إذ بالإسلام والتقى والأمانة يصح وصف إعطائه بالصدقة، ألا تراه قال: " الذى يعطى ما أُمِرَ به كاملاً موفرًا طيّبَةَ به نفسه " فإسلامهُ وتُقاهُ أوجَبَ إعطأَهُ طيبةَ به نفُسه، وأمانته أوجب إعطاءَهُ كاملاً موفّرًا، وليس كما ظن بعضُ المتكلمين على الحديث، أن وصفه هنا بالأمين لرفع الضمان عن المودع والمستأجر. فلا دليل فى الحديث من لفظ ذلك ولا معناه.


(١) فى س: فمأثوم.
(٢) سقط من الأصل، والمثبت من س.
(*) قال معد الكتاب للشاملة: في المطبوع "يقدره"، وهو خطأ ظاهر، والصواب ما أثبتناه، وهو الموافق لما وقع بين أيدينا من النسخ الخطية، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>