للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١) باب ابتناء مسجد النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

٩ - (٥٢٤) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الوَارِثِ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَارِثِ بْن سَعِيدٍ، عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ الضُّبَعِىِّ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ المَدِينَةَ، فَنَزَلَ فِى عُلوِ المَدِينَةِ، فِى حَىٍّ يُقَالُ لهُمْ: بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ ليْلةً، ثُمَّ إِنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى مَلأ بَنِى النَّجَارِ، فَجَاؤُوا مُتَقَلدِينَ بِسُيُوفِهِمْ. قَالَ: فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلى رَاحِلتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَمَلأُ بَنِى

ــ

وقوله: " أرسل إلى ملأ بنى النجار ": أى رؤسائهم وأشرافهم، قيل: سموا بذلك لأنهم أملياء بالرأى والغنى.

وقوله: " يا بنى النجار، ثامنونى بحائطكم " أى بايعونى بالثمن. قال الخطابى: فيه دليل أن رب السلعة أحق بالسوم.

قال الإمام: يؤخذ من هذا الحديث: أَنَّ المشترى يبدأ بذكر الثمن، وفى هذا نظر؛ لأنه لم ينص - عليه السلام - على ثمن مُقَدّرٍ بذله لهم فى الحائط، وإنما ذكر الثمن مُجملاً، فإن كان أراد القائل أَنَّ فيه التبدئة بذكر الثمن مقدراً فليس كما قال؛ لما بَيَّناه.

قال القاضى: ذكر فى الأم أن بنى النجار قالوا: [لا] (١) والله ما نطلب ثمنه [إِلا لله] (٢). وذكر محمد بن سعد فى تاريخه الكبير عن الواقدى أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشتراه من ابنى عفراء بعشرة دنانير دفعها عنه أبو بكر الصديق - رضى الله عنه (٣) - وذلك - والله أعلم - أنه لما كان لليتيمين لم يقبله من بنى النجار إِلا بالثمن.

وفى الحديث لزوم إقامة المساجد وذلك فرض على كل جماعة استوطنوا موضعاً؛ لأن إقامة الجمعة فرضٌ، وشرطها الجامع على المشهور من المذهب، وإقامة الجماعات سنة، ومن سننها المسجد، وإقامتها بالجملة على أهل المصر واجب؛ لأن إحياء السنن الظاهرة وإقامتها ابتداءً واجب، وإنما هى سنن فى حق الآحاد إذ لو لم تقم لماتت ودرست.


(١) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش بسهم.
(٢) لفظه فى المطبوعة: إِلا إلى الله.
(٣) الطبقات الكبرى ١/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>