للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٧٠) باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته

٢٣٩ - (١٥٢) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا مِنْ الأَنْبِياءِ مِنْ نَبِىٍّ إِلا قَدْ أُعْطِىَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِى أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللهُ إِلَىَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".

٢٤٠ - (١٥٣) حدّثنى يُونُسُ بْنُ عبْدِ الأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِى

ــ

وقوله: " ما من نبى من الأنبياء إلا أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذى أوتيتُ وحياً ... " الحديث، قال الإمام: أشار صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: " وحياً " إلى معنى بَسَطه العلماء فقالوا: بأن (١) معجزته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبعدُ أن يَتَخَيَّلَ فيها أنها دربٌ من السحر، وإنما هو كلام معجز ولا يقدر السحرةُ أن يأتوا بما يتخيل تشبيهاً به كما فُعِلَ فى عصا موسى وغيرها؛ لأنَّهم أتوا بعصىٍّ وحبال يُتَخَيَّلُ أنها (٢) تسعى، فيحتاج التمييز بينها وبين ما أتى به موسى - عليه السلام - إلى نظر، والنَّظَرُ عُرْضَة الزلل فيخطِى الناظِرُ فيعتقد أن ذلك سواءٌ.

قال القاضى: وفيه وجه آخر وهو: أن سائر معجزات الأنبياء انقرضت بانقراضهم، ولم يشاهدها إلا ما كان حاضراً لها، ومعجزة نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من القرآن وخرقه للعادة فى أسلوبه وبلاغته بَيِّنة لكل من يأتى إلى يوم القيامة إلى ما انطوى عليه من الإخبار عن الغيوب، فلا يَمر عَصْرٌ إلا ويظهر فيه معجزة مما أخبر أنها تكون، تدل على صدقه وصحة نبوته وتجدّد الإيمان فى قلوب أمته.

ووجه آخَرَ على أحد المذهبين فى القول بالصَّرْفة (٣)، وأن المعارضة كانت من جنس قوة البشر لكنهم لم يقدروا عليها - على أحد قولى الأشعرى - وصُرِفوا عنها، أو من قدرة


(١) فى الإكمال: لأن.
(٢) فى ق: إليه.
(٣) ومعنى الصرفة: هو أن العرب كانت تقدر أن تأتى بمثل القرآن، فلما بعث صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صرفوا عنه. أو أنهم صرفوا لعجزهم عن أن يحيطوا بكل شىء علماً. إكمال ١/ ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>