للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٧) باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير]

٧١ - (٤٥) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْن مَالِكٍ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: " لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ - أَوْ قالَ: لِجَارِهِ - مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ".

٧٢ - (...) وحدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: " وَالَّذِى نَفْسِىِ بِيَدِهِ، لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِجَارِهِ - أَوْ قَالَ: لأَخِيهِ - مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ".

ــ

وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يؤمن أحدُكم حتى يحب لأخيه - أو لجاره - ما يحب لنفسه " (١): أى لا يتم إيمانه (٢) حتى يكون بهذه الصفة للمؤمنين، من كفه الأذى عنهم، وبذله المعروف لهم، ومودته الخير لجميعهم وصرف الضر عنهم (٣).

قيل: ظاهره التسوية وباطنه التفضيل؛ لأن كل أحد يحب أن يكون أفضل، فإذا أحب لغيره ما يحب لنفسه كان هو من المفضولين، وقد روى هذا المعنى عن الفضيل بن عياض أنه قال لسفيان بن عيينة - رحمهما الله -: إن كنت تريد أن يكون الناس كلهم مثلك فما أديت لله [الكريم] (٤) نصيحة، فكيف وأنت تود أنهم دونك.


(١) فى البخارى: لأخيه، دون شك.
(٢) فى الأصل: إيمان، والمثبت من ت.
(٣) على ذلك فالحديث يتناول أمر الدنيا، وأما الآخرة فقد قال، تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون} [المطففين: ٢٦].
وفهم من مفهوم الوصف فى الحديث أن غير المؤمنين ليس بأخ. حكاه السنوسى ١/ ١٤٧، ولا مدخل لمفهوم الحصر هنا؛ إذ يقتضى قصر المؤمنين على الإخوة.
قال السنوسى: وبهذا يظهر أن الحديث لا يحتاج إلى تقدير وصف المؤمن أو المسلم؛ لأن لفظ أخ غلب عرفاً عليها، وأما الكافرون فالمطلوب فى حقهم ضد ذلك، والتسمية لهم شرعاً إنما هو بلفظ العداوة ونحوها مما هو مناف للمقصود بلفظ الأخ فى الحديث، وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء} [المائدة: ٥٧].
(٤) ساقطة من ت. وقوله: " حتى يحب ": حتى: غاية لنفى الإيمان، والفعل بعدها منصوب بأن مضمرة وجوباً، ويمتنع هنا رفع الفعل بعدها، لاقتضاء ذلك كون (يحبُ) منفياً كـ (يؤمن)، أى لا يكون إيمان ومحبة، وهو باطل وضد المقصود. حكاه السنوسى، وقال: قال بعض الشيوخ: لا يصح العطف بحتى؛ لأن عدم الإيمان ليس سبباً للمحبة. مكمل ١/ ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>