للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٩٤) باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب]

٣٦٧ - (٢١٦) حدّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلامِ بْنِ عُبيْدِ اللهِ الْجُمَحِىُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، - يَعْنِى ابْنَ مُسْلِمٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَدْخُلُ مِنْ أمَّتِى الْجَنَّةَ سَبْعُونَ ألْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْع الله أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ: " اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ " ثُمَّ قَامَ آخَرُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قال: " سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ ".

٣٦٨ - (...) وحدّثنا مُحْمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ،

ــ

وقوله فى الحديث: " يدخل الجنة من أمتى سبعون ألفًا بغير حساب " وذكر أنهم: " الذين لا يَسْترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون "، قال الإمام: احتج بعض الناس بهذا الحديث على أن التداوى مكروه، وجلُّ مذاهب العلماء على خلاف ذلك، واحتجوا بما وقع فى أحاديث كثيرة من ذكره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمنافع الأدوية والأطعمة كالحبَّةِ السوداء والقُسْط والصبر وغير ذلك، وبأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تداوى، وبأخبار عائشة - رضى الله عنها - بكثرة تداويه وبما عُلم من الاستشفاء بُرقاه، وبالحديث الذى فيه أن بعض أصحابه أخذوا على الرُقيةِ أجرًا، فإذا ثبت هذا صح أن يُحمَلَ - ما فى الحديث على قوم يعتقدون أن الأدوية نافعةً بطباعها كما يقول بعض الطبائعيين، لا أنهم يفوضون الأمر إلى الله تعالى، وهذا على نحو التأويل المتقدم فى حديث الاستمطار بالنجوم.

قال القاضى: لهذا التأويل ذهب غير واحدٍ ممن تكلم على الحديث، ولا يستقيم على مساق الحديث؛ لأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَذُم هنا من قال بالكى والرُقى ولا كفرهم كما جاء فى حديث الاستمطار بالنجوم، ولا ذكر سِواهُما، فيستقيم أن يتأول بذلك ما ذكروه، وإنما أخبر أن هؤلاء لهم مَزيَّة وفضيْلة بدخولهم الجنة بغير حساب، وبأن وجوههم تضىء إضاءة البدر، فقيل: ومن هم يا رسول الله؟ فقال: " الذين لا يكتوون ... " الحديث، فأخبر أن لهؤلاء مزيد خصوص على سائر المؤمنين وصفات تميَّزوا بها، ولو كان على ما

<<  <  ج: ص:  >  >>