وقوله:" الحرب خدعة "، قال القاضى: قال أهل العلم: الخداع فى الحرب جائز كيفما تمكن لهذا الحديث، إلا أن يكون بنقض عهود وأمان فلا يحل. قال الطبرى: وإنما يجوز من الكذب فى الحرب ما لا يجوز فى غيرها من المعاريض والكلام بما يحتمل الألغاز والقصد إلى الإخبار عن الشىء ما هو عليه يعنى فى ظاهره.
قال الإمام: يقال: خَدْعة، بفتح وإسكان الدال، على جهة المصدر المحدود، كضربة ونفخة. وخُدْعة، بضم الخاء وإسكان الدال، وهو اسم على تقدير لعبة، ولا يراد به المرة الواحدة كما يراد بالمصدر المحدود. وخُدَعة، بضم الخاء وفتح الدال، وهو صفة لها، ومعناها: أنها تخدع الرجال، كما يقال ضحكة للذى يضحك بالناس، وهزأة للذى يهزأ بهم.
قال القاضى: لغة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " خَدعة " بالفتح، وهى أفصح اللغات. قال ثعلب: قال بعضهم: ومعناه: أنها تخدع أهلها، وصف الفاعل باسم المصدر، وقيل: ويحتمل أن يكون وصفاً للمفعول، كما قيل: درهم ضرب الأمير، أى مضروبه. وقيل: معناها المرة الواحدة، أى لا يقبل العثرة إذا اتفقت فيها الخدعة، قال: ومن قال: "خُدْعة " بالضم والسكون، إلى أنها تخدع؛ لأن أحد الفريقين إذا خدع صاحبه فيها فكأنها خدعت فيها. ومن قالها بالضم وفتح الدال فهى تخدع أهلها، أو تمنيهم الظفر أبداً، وقد تنقلب بهم الحال لغيرها.