وقوله:" كان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم، وكان المشركون يفرقون وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشىء، فسدل ناصيته ثم فرق بعدُ ": سدل الشعر: إرساله، والمراد به هنا عند العلماء: إرساله على الجبين واتخاذه كالقصة، يقال: سدل شعره وثوبه إذا أرسله ولم يضم جوانبه.
والفرق: تفريق الشعر بعضه من بعض. والفرق: تفريقك من كل شيئين قال الحربى: والفرق موضع المفرق، والفرق فى الشعر سنة؛ لأنه الذى رجع النبى - عليه السلام - والظاهر أنه بوحى لقوله:" إنه كان يوافق أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشىء فسدل ثم فرق بعد ". فظاهره أنه لأمر حتى جعله بعضهم نسخاً. وعلى هذا لا يجوز السدل واتخاذ الناصية والجمة.
وقد روى أن [عمر بن عبد العزيز](١) كان إذا انصرف من الجمعة أقام على باب المسجد حرساً، يجيزون كل من لم يفرق شعره.
ويحتمل أن يدل على إجازة الفرق ولا على وجوبه. ويحتمل أن يكون الأمر باجتهاد منه - عليه السلام - فى مخالفة أهل الكتاب آخراً، ورجوعه عن موافقتهم أولاً، ويكون الفرق هنا على الاستحباب والندب بدليل اختلاف السبب فى ذلك، ففرق منهم جماعة، واتخذ اللمة منهم آخرون. وقد جاءت الرواية أنه كانت للنبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمة، فإن انفرقت فرقها وإلا تركها. وقال مالك: فرق شعر الرأس للرجال أحب إلى.
واختلف تأويل العلماء فى قوله: " يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه فيه