للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٩) باب فضيلة الأسود من الكباث]

١٦٣ - (٢٠٥٠) حدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، وَنَحْنُ نَجْنِى الْكَبَاثَ. فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ ". قَالَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّكَ رَعَيْتَ الْغَنَمَ. قَالَ: " نَعَمْ، وَهَلْ مِنْ نَبِىٍّ إِلا وَقَدْ رَعَاهَا " أَوْ نَحْوَ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ.

ــ

قوله: كنا نجنى الكباث، فقال - عليه السلام -: " عليكم بالأسود منه "، قال الإمام: هو النضيج من ثمر الأراك.

قال القاضى: هذا قول الهروى، وهو قول الأصمعى وغيره، وقال كذا أبو الحسين بن سراج حين قرأت عليه هذا الحرف: صوابه أن الكباث الذى لم ينضج، والمراد هو الذى نضج وأسود، وأنشدنا عليه بيت أبى ذؤيب:

وسود ماء المرد فاها فلونه ... كلون النؤر وهى أدماء سارها

أى سايرها، وحكى مثل هذا عن الأصمعى أيضاً.

قال القاضى: ويدل على صحة هذا قوله فى الحديث: " عليكم بالأسود منه " وقال الحربى عن الأصمعى: المراد هو: الغض. والكباث: النضج، وكلاهما بفتح الكاف والضم، وحكى عن ابن الأعرابى أن الذى لم يسود هو الكباث والأسود هو البرير، وجماعه المزد، وحكى عن مصعب: ثم الأراك إذ ورد فهو مر فإذا حصوم وهو الكباث، فإذا أسود فهو البرير، ويحكى عن عمه: العصير، فإذا نضج بالعنب فهو البرير، فإذا تدنب فهو الكباث، وقال فى كتاب آخر: الغض ونضيجه المراد وكله البرير، وحكى عن الأصمعى.

وقوله: كأنك رعيت الغنم؟ قال: " نعم، وهل من نبى إلا رعاها؟ ": فى هذا تدريب الله لأنبيائه برعاية الغنم؛ للين جانبها وقلة تعبها؛ لسياسة أممهم بغيرهم، ولما أراده الله لهم من الخلوة، والاستعداد لهدايته، والعزلة عن الناس؛ لصفاء قلوبهم؛ ولما أعد الله من كرامته لهم؛ وليأخذوا حظهم من التواضع فى رعايتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>