للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢) باب سنّ الأضحية

١٣ - (١٩٦٣) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حدثنا زهير، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَذْبَحُوا إِلا مُسِنَّةً، إِلا أَنْ يَعْسُرَ عَليْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأنِ ".

ــ

وقوله: " لا تذبحوا إلا مُسِنَّة، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن ": هذا خصوص أنه لا يجزئ من غير الضأن، وهو موضع بيان، ولا خلاف بين العلماء أنه لا يجزئ الجذع إلا من الضأن وحدها، وهو عند بعضهم ابن ستة أشهر، وقيل: ابن سبعة، فإذا تمت له سنة فهو ثنى. وقيل: الجذع ابن سنة تامة وهو أشهر، وقيل: ابن عشرة أشهر، وقيل: ابن ثمانية أشهر. قال الداودى: التى قاربت سقوط بنيتها، وقال الأخفش: هى التى سقطت لها بنية، فإذا سقطت بنتاها فهى ثنية، وقال أبو عبيد فى المعز والضأن: يكون جذعاً فى السنة الثانية ثم تثنى، والمسن التى من كل ثنى من الأنعام فما فوقه. وفيه الاستحباب أن يكون الثنى من الضأن مقدماً على الجذع.

وقوله: " انكفأ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى كبشين قد ذبحهما " (١) أى مال وعطف. قال الإمام: والأصناف التى يضحى بها: غنم وإبل وبقر. وعندنا أن الغنم أفضل؛ اتباعاً لفعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى أضحيته. وعند المخالف الإبل أفضل؛ لأنها أكثر ثمناً وأعم نفعاً، ولم يرد عند مالك هذا الذى ظنه المخالفة، وإنما أراد ما هو أطيب لحماً. واختلف عندنا إذا عدل عن الغنم، ما الذى يليها فى الفضل؟ فقيل: الإبل، وقيل: البقر، وقيل: الغنم.

قال القاضى: ولا خلاف بين العلماء سمينها وطيبها وفضلة ذلك، واختلف فى تسميتها (*)، فالجمهور على جوازه، وفى البخارى عن أبى أمامة: " كنا نُسمن الأضحية بالمدينة، وكان المسلمون يسمنون " (٢)، وحكى ابن نصر عن ابن القرطى (٣) أنه كان يكره ذلك لئلا يتشبه باليهود.

وفى ذبحه - عليه السلام - كبشين حجة فى جواز الضحية بالعدد وأكثر من واحد.


(١) حديث رقم (١٠) بالباب السابق.
(٢) البخارى، ك الأضاحى، ب أضحية النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكبشين أقرنين ٧/ ١٣٠.
(٣) هو العلامة أبو إسحاق شيخ المالكية واسمه محمد بن القاسم بن شعبان بن محمد بن ربيعة العمارى المصرى، من ولد عمار بن ياسر، ويعرف بابن القرطى، نسبة إلى بيع القُرْط، له تصانيف بديعة، منها: " كتاب الزاهى " فى الفقه، وهو مشهور، و" أحكام القرآن ". قال القاضى فى الترتيب: كان رأس المالكية بمصر وأحفظهم مذهباً مع التفنن. انظره ٥/ ٢٦٤، الميزان ٤/ ١٤، السير ١٦/ ٧٨.
(*) قال معد الكتاب للشاملة: لعل صوابها "تسمينها"، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>