وقوله:" من قذف مملوكه بالزنا أقام عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال ": فيه دليل على أنه لا يحد من قذف عبدًا إذا لم يحكم عليه بذلك في الدنيا كما أخبر بحكمه فى الآخرة، وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء؛ لمزية الحرية على العبودية فى الدنيا، فإذا كان فى الآخرة ارتفعت الأملاك كلها، وخلص الملك والملك لله الواحد القهار، استوت المقادير حينئذ فحد له، ولكن عند مالك أنه ينكل العبد إذا قذفه، وهو قول كافة العلماء، وذهب بعض العلماء إلى أن العبد إذا كان له قدر وهيبة عوقب قاذفه. وحكم كل من فيه شعبة رق عند جميعهم حكم العبد فى سقوط الحد عن قاذفه من مدبر أو مكاتب أو أم ولد أو معتق بعضه أو إلى أجل.
واختلف فى أم الولد بعد موت سيدها، فجمهورهم على أن قاذفها يحد، وهو قول مالك والشافعى، وقول كل من يقول: إنها لا تباع؛ لأنها صارت حرة بموت سيدها، وروى عن الحسن أنه لا يحد، ولعل ذلك قبل موت سيدها. واختلف المذهب عندنا، فقال مالك: يحد قاذفها، وقال محمد بن المواز: لا يحد حتى تضع؛ لعل الحمل ينفش فلا تكون أم ولد.
وقوله:" سمعت أبا القاسم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبى التوبة ": سمى بذلك - والله أعلم - لأنه بعث بقبول التوبة بالقول والاعتقاد. وكانت التوبة من قبل بقتل أنفسهم، ويحتمل أن يكون نبى التوبة إلى الإيمان والرجوع عن الكفر إلى الإيمان. وأصل التوبة: الرجوع، كما قال فى الحديث الآخر:" أنا الماحى الذي يمحو الله بى الكفر "(١).
(١) البخارى، ك المناقب، ب ما جاء فى أسماء الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ٤/ ٢٢٥، أحمد ٤/ ٨٠، ٨١، الدارمى ٢/ ٣١٧، ٣١٨ كلهم عن جبير بن مطعم.