للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٣٧) باب فضيلة حافظ القرآن]

٢٤٣ - (٧٩٧) حدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِىُّ، كِلاهُمَا عَنْ أَبِى عَوَانَةَ، قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَثَلُ المُؤْمِنُ الَّذِى يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأَتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ المُؤْمنِ الَّذِى لا يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَة، لا رِيحَ لَهَا وطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِى يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِى لا يَقْرَأَ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وطَعْمُهَا مُرُّ ".

(...) وحدَّثنا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ، كِلاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّ فِى حَدِيثِ هَمَّامٍ: بَدَلَ " المُنَافِقِ ": " الفَاجِرِ " (١).

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


(١) ترك الإمام والقاضى هذا الباب بغير تعليق.
قال الأبى: ووجه التشبيه فى التمثيل المذكور مجموع الأمرين، طيب المطعم وطيب الرائحة لا أحدهما على التفريق، كما فى بيت امرئ القيس:
كأن قلوب الطير رطباً ويابساً ... لدى وكرها العنابُ والحشف البالى
قال: ولما كان طيب المطعم وطيب الرائحة فى النفس المؤمنة عقليين، وكانت الأمور العقلية لا تبرز عن موصوفها إلا بتصويرها بصورة المحسوس المشاهد شبهه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأترجة الموجود فيها ذلك حساً تقريباً للفهم والإدراك، فطيب المطعم فى النفس المؤمنة الإيمان؛ لأنه ثابت فى النفس، هى به طيبة الباطن كثبوته فى الأترجَّه، وطيب الرائحة فيه يرجع إلى قراءته القرآن؛ لأن القراءة قد يتعدى نفعها إلى الغير فينتفع بها المستمع كما أن طيب رائحة الأترجة تتعدى وينتفع بها المستروح - أى الشامِّ.
وفى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مثل المؤمن الذى لا يقرأ القرآن " قال الطيبى: وليس المراد بهذا النفى الانتفاء بالكلية، بل المراد ألا تكون القراءة دأبه وعادته، ثم قال الأبى: والأظهر خلاف ما ذكر وأن المراد إنما هو عدم حفظه البتة؛ لأن الحديث إنما خرج مخرج الحض على حفظه. ومعنى: " لاريح لها ": أى لا ريح مشتهى، وإلا فللتمرة ريح. إكمال ٢/ ٤١٤.
وقال ابن بطال: معنى هذا الباب: أن قراءة الفاجر والمنافق لا ترتفع إلى الله ولا تزكو عنده، وإنما يزكو عنده ما أريد به وجهه، وكان على نية التقرب إليه، وشبهه بالريحانة حين لم ينتفع ببركة القرآن ولم يفز بحلاوة أجره، فلم يجاوز الطيب موضع الصوت وهو الحلق ولا اتصل بالقلب، وهؤلاء هم لذين يمرقون من الدين. راجع فتح البارى ١٣/ ٥٤٥.
وفى تشبيهه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المنافق بالريحانة والحنظلة وهما مما تنبته الأرض فللتوقيف على طبيعة شأن المنافق وإحباط عمله، وقلة جدواه. حكاه السنوسى ٢/ ٤١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>