وقول عائشة:" تزوجنى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا بنت ست سنين، وبنى بى [وأنا](١) بنت تسع " الحديث، قال الإمام: رأيت لابن حنبل أنه جعل التسع سنين حداً للسن الذى يزوج فيه الأولياء البكر اليتيمة إذا رضيت؛ لأجل حديث عائشة هذا. وهذا لا معنى له، إلا أن يريد [أنه](٢) السن الذى تميز فيه ويعتد برضاها، أو يكون أراد أن هذا السن قد تحيض فيه بعض الجوارى.
قال القاضى: قد التفت مالك إلى نحو هذا بشريطة الضرورة في صبيةٍ بنت عشر سنين تتكفف الناس، فقال: لا بأس أن تزوج برضاها وإن كانت لم تنبت. وحديث عائشة هذا أصل فى جبر الآباء بناتهن الأبكار وتزويج الصغار منهن.
ولا خلاف بين العلماء فى جواز تزويج الأب ابنته الصغيرة التى لا يوطأ مثلها، ثم لا خيار لها فى ذلك إذا بلغت عند مالك والشافعى وفقهاء أهل الحجاز. وذهب أهل العراق إلى أن لها الخيار إذا بلغت.
واختلف فى غير الأب، فمنع مالك والشافعى تزويج غير الأب من الأوصياء والأولياء صغار اليتامى، وهو أحد قول أحمد، وقاله الثورى وابن أبى ليلى وأبو ثور وأبو عبيد، واستثنى الشافعى من الأولياء الجد وجعله كالأب، قالوا: ويفسخ النكاح إذا وقع.
واختلف عندنا إذا لم ينظر فيه حتى بلغت، هل يفسخ أبداً أم يفوت بالدخول؟ وقال أبو حنيفة وأصحابه والأوزاعى وجماعةٍ من السلف: يجوز ذلك ولها الخيار إذا بلغت، إلا أبا يوسف فقال: لا خيار لها، قالوا: ولا يزوجها وصىّ إلا أن يكون ولياً. وحكى