للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٦) باب وجوب اتباعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

١٢٩ - (٢٣٥٧) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةً بْنِ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَعِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِى يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ. فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ: سَرِّحِ الْمَاءَ يَمُرُّ. فَأَبَى عَلَيْهِمْ، فَاخْتَصَمُوا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ: " اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ "، فَغَضِبَ الأَنْصَارِىُّ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ! فَتَلَوَّنَ وَجْهُ نَبِىِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ قَالَ: يَا زُبَيْرُ، اسْقِ، ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ ". فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللهِ، إِنِّى

ــ

وقوله: " أن رجلاً خاصم الزبير فى شراج الحرة التى يسقون منها النخل ": الشراج مسايل الجدار إلى السيول، قالها الأصمعى. وقال غيره: السراج لما سوقه الرجل من الماء إلى مائه، واحدها سرج.

وقوله: " اسق حتى يبلغ الجدر ": الجدر بالدال المهملة، والجدر بفتح الجيم وكسرها: الجدار، وجمع الجدر جدور، وجمع الجدار جدر. واختلف فى المراد به هنا، فقيل: أصل الحائط. وقيل: أصول الشجر، ويحتمل أن يريد به جدر الشرجات، وهي حفر يجعل حول النخل يجمع فيها الماء. وقال الداودى: هى أعلى الجسور تحفر حول الشجر والزرع.

قال الإمام: تقدم الكلام على هذا الحديث، وذكرنا الاختلاف فى مراعاة بلوغ الماء إلى الكعبين، هل إذا بلغ الماء إليهما أرسل الجميع أو حبس هذا المقدار منه وأرسل ما زاد. والواجب أن يعين لكل أرض بقدر كفايتها. وتحمل قصة الزبير على أنه كان على قدر كفاية أرضه، وهل يراعى بلوغ الكعبين فى الساقية أو فى أرض الحائط؟ وذكرنا قضاءه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع غضبه، وقد نهى عن ذلك وذكرنا أنه معصوم فى الغضب والرضا، إلى غير ذلك من الأعذار التى ذكرناها، وإنما أذكر تلك بهذه الجملة لتطالعها هناك.

قال القاضى: ذكر البخارى عن الزهرى (١) قال: فقدر بالأنصار والناس.

قوله: " ثم احبس حتى يبلغ الجدر فكان ذلك إلى الكعبين " (٢) [قال الداودى:


(١) البخارى، ك الصلح، ب فضل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم (٢٧٠٨).
(٢) البخارى، ك المساقاة، ب شرب الأعلى إلى الكعبين (٢٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>