وقوله:" لا يجتمع كافرٌ وقاتله فى النار أبداً ": يحتمل أن هذا مختص بمن قتل كافراً فى مجاهدة العدو، وأن ذلك تكفير لذنوبه حتى لا يعاقب عليها، أو تكون بنية مخصوصة، وحاله. والله أعلم بها. ويحتمل أن تكون عقابه إن عوقب بغير النار فى الأعراف، كالحبس عن دخوله الجنة، فلا يدخل النار، أو يكون إن عوقب بها لا يكون حيث يعاقب الكفار، ولا يجتمع معهم فى إدراكها.
وقوله فى الحديث الآخر:" اجتماعاً يضر أحدهما الآخر ": يدل أنه اجتماع مخصوص، وهو مشكل المعنى، وأوجه ما فيه أن يكون يحتمل ما أشرنا إليه ألا يجتمع معه فى وقت إن استحق للعقاب فيعيره بدخوله معه، وأن إيمانه وقتله إياه لم يغنه، وقد جاء مثل هذا فى بعض الآثار، ولكن قوله فى هذا الحديث:" مؤمن قتل كافراً ثم سدد " رادٌّ إشكالاً؛ لأن المؤمن إذا سدد، ومعناه: استقام على الطريقة ولم يخلط ولا راع. والسداد والسدد: الفضل، لم يدخل النار جملة، قتل كافراً أو لم يقتله، ووجهه عندى أن يرجع قوله:" ثم سدد " على الكافر القاتل، ويكون بمعنى الحديث المتقدم:" يضحك الله لرجلين يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجنة، يقاتل هذا فيستشهد فيدخل الجنة، ثم يتوب الله على القاتل فيسلم فيستشهد "، وقد ذكر البخارى هذه الترجمة على نحو ما ذكرناه:" باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد "(١)، لكن لم يدخل هذا الحديث المشكل، وأدخل حديث الضحك بنصه، فلعله لم يدخله لإشكاله، أو لأنه رأى فيه فهماً، وأن صوابه: مؤمن قتله كافر ثم سدد. فهذا يطابق ترجمته لو جاءت به رواية، ولكن الأحاديث الآخر جاءت بمثل هذا، ويكون معنى قوله فى هذا الحديث: " لا
(١) البخارى، ك الجهاد، ب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل ٤/ ٢٨.