للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٩) باب ما لقى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أذى المشركين والمنافقين

١٠٧ - (١٧٩٤) وحدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانٍ الْجُعْفِىُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ - يَعْنِى ابْنَ سُلَيْمَانَ - عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِىِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّى عِنْدَ البَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالأمْسِ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلا جَزُورِ بَنِى فُلانٍ فَيَأخُذُهُ، فَيَضَعُهُ فِى كَتَفِىْ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَد؟ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَأَخَذَهُ، فَلَمَّا سَجَدَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. قَالَ: فَاسْتَضْحَكُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَمِيلُ عَلَى بَعْضٍ، وَأَنَا قَائِمٌ أَنْظُرُ. لَوْ كَانَتْ لِى مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ عَنْ ظَهْرِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ، مَا يَرْفَعُ رَأسَهُ، حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ، فَجَاءَتْ - وَهِىَ جُوَيْرِيَةٌ -

ــ

قال القاضى: وثبات النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الصلاة حين طرح عليه كفار قريش سلا الجزور، دليل على طهارة ما يخرج من أجواف الحيوان المأكول اللحم؛ من فرث ورطوبة وغيرها، ما خلا الدم؛ لأن السلا لا ينفك منه. وسلا الجزور هو: اللفافة التى يكون فيها الوليد فى بطن الناقة، وهى الجزور هنا، وكذلك السلا من سائر البهائم وهى المشيمة من بنى آدم. وأشقاها الذى ذكر أنه طرحه عليه " عقبة بن أبى معيط " فسره فى الكتاب. وصبره - عليه السلام - حتى نزع منه إما لأنه خشى بحركته بها وقيامه وهى عليه انفتاق ما فيها وتمريث ثيابه، أو لأنه أطال السجود للدعاء عليهم، لا لغرض غيره، فاتفق في طوله مقدار ما بلغ الخبر ابنته، وجاءت فأزالته. وقد استدل به بعضهم على أحد القولين عن مالك؛ فيمن صلى بثوب نجس فتذكر في الصلاة أنه يطرحه عنه وتجزيه صلاته، ومشهور مذهبه القطع، وعبد الملك يقول: يتمادى ويعيد للخلاف فى حكم النجاسة. كما رأى مالك فيها الإعادة فِى الوقت للناسى، ولا حجة له عندى بهذا الحديث؛ إذا ليس فيه حقيقة نجاسة، وأيضاً فإن من ألقى عليه فإنه ينبغى أن يكون بخلاف من ابتدأ الصلاة وقضى منها جزءًا بالنجاسة؛ لأنه إذا ألقى عليه ثوب نجس فيطرحه لخبثه كان الأظهر هنا إجزاؤه، ولا يقطع إذا لم يقض ركناً من صلاته بنجاسته.

وقول ابن مسعود: " لو كانت لى منعة طرحته ": بفتح النون، أى من يمنعنى من أذاهم. وقد كان ممن يؤذَى فى الله تعالى؛ لأنه كان عربياً فيهم، إنما هو من هذيل.

ودعاء النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليهم ثلاثاً: " اللهم عليك بأبى جهل " وسماهم وسمى فيهم

<<  <  ج: ص:  >  >>