للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٢) باب حكم المنىّ

١٠٥ - (٢٨٨) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أبِى مَعْشَرٍ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ؛ أَنَّ رَجُلاً نَزَلَ بِعَائِشَةَ. فَأصْبَحَ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّمَا كَانَ يجْزِئُكَ، إنْ رَأيْتَهُ، أَنْ تَغْسِلَ مَكَانَهُ، فَإِنْ لَمْ تَرَ، نَضَحْتَ حَوْلَهُ، وَلَقَدْ رَأيْتُنِى أفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْكًا. فَيُصَلِّى فِيهِ.

١٠٦ - (...) وحدّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِى عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَد وَهَمَّامٍ، عَنْ عَائِشَةَ فِى الْمَنِىِّ، قَالَتْ: كُنْتُ أفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ــ

وقول عائشة فى المنىِّ: " كنتُ أفركُه من ثوب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (١)، قال الإمام: هذا الحديث يحتج [به] (٢) الشافعيةُ (٣) على طهارة المنى إذ لم يذكر الغسل، وقال بعض أصحابنا: قيل: إنها بالماء فركتُه، والحجةُ لنا على نجاسته (٤) الحديث الآخر الذى فيه: " أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أراد الإحرام للصلاة رأى فى ثوبه منياً فانصرف، ثم خرج إليهم وفى ثوبه بقَعُ الماء" (٥). وقال بعض أصحابنا: هو نجسٌ لخروجه من موضع البول، وهذا إشارةٌ إلى أنهُ إنما نجَّسَه إضافة النجاسة إليه، فانظر ما الذى ينبغى على هذا التعليل أن يكون حكم مَنىّ ما يؤكل لحمُه من الحيوان إذ بوله طاهِرٌ.

قال القاضى: ذكر مسلم قول عائشة للذى غسل الثوب: " إنما كان يُجزيك إن رأيتَه أن تغسل مكانه، وإن لم تره نضحت حَوْلَه، لقد رأيتنى أفركه من ثوب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحديث فيه حجة لنا على نجاسته وإلا فَلِمَ يُغْسَلُ؟ فإن قيل: للتنظيف، قيل: فلِمَ أمرته أن ينضح إذا لم يروا هذا حكم النجاسات. ويصحح أن فرك عائشة له " إنما كان بالماء " لأنه جاء مُتَّصِلاً بهذا الكلام الأول، ويحمل على ما تقدم من قولها وإلا كان الكلامُ مُتناقِضًا، فالحديث بنفسه حجةٌ على المخالف، وإنما أنكرت عائشةُ عليه غَسْلَه كُلَّه وغمسَه فى الماء، وأنها سألته: هل رأيت فيه شيئاً؟ فقال: لا، وجمهورُ العلماء على


(١) فى المعلم: لقد رأيتنى أفركه.
(٢) ليست فى المعلم.
(٣) الأم ١/ ٥٥.
(٤) المنتقى ١/ ١٠١.
(٥) البخارى، ك الطهارة، ب غسل المنى وفركه (٢٢٩، ٢٣٠) بمعناه عن عائشة، والنسائى، ك الطهارة، ب غسل المنى من الثوب ١/ ٦٥١ عن عائشة أيضاً بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>