للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٣) باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء]

٣٤ - (٢٨٤٦) حدثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِى الزنَاد، عَنْ الأعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْتَجَّت الْنَّارُ وَالْجَنَّةُ، فَقَالَتْ هَذهِ: يَدْخُلُنِى الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ. وَقَالَتْ هَذِهِ: يَدْخُلُنِى الضُّعَفَاءُ وَالْمَسَاكينُ. فَقَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لِهَذِهِ: أَنْتِ عَذَابِى، أُعَذِّبُ بِكَ مَنْ أَشَاءُ - وَرُبَّمَا قَالَ: أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ - وَقَالَ لِهَذِهِ: أَنْتِ رَحْمَتِى أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَنْكُمَا مِلْؤُهَا ".

٣٥ - (...) وحدثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنِى وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِى الزِّنَاد، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " تَحَاجَّتِ النَّارُ وَالْجَنَّةُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرتُ بِالْمُتَكَبِّرين وَالْمُتَجَبرينَ. وَقَالَتْ الْجَنَّةُ: فَمَالِى لا يَدْخُلُنِى إلا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقطُهُمْ وَعَجَزُهُمْ؟ فَقَالَ اللهُ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِى أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِى. وَقَالَ للنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِى، أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاء مِنْ عِبَادِى. وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ منْكُم مِلْؤهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَلا تَمْتَلِئُ، فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا، فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ. فَهنَالِكَ تَمْتَلِئُ. وَيُزْوِى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ".

ــ

وقول الجنة: " لا يدخلنى إلا ضعفاء الناس وسقطهم " ويروى: " وسقاطهم وعجزهم ": سقطهم، بفتح السين والقاف، السقط من كل شىء: ما لا يعتد به. وسقط المتاع: رديئه. وكذلك كل شىء سقاطته مثله، والساقط والساقطة من الناس السفلة واللئيم.

وقوله: " وعجزهم " بفتح، العين والجيم، جمع عاجز، وهو العيى الضعيف، قيل: العجاز فى طلب الدنيا. كذا فى حديث ابن رافع عن شبابة، ولبعض الرواة فى حديث ابن رافع عن عبد الرزاق مثله، إلا أنه قال: " وعجزتهم "، وعند أكثر شيوخنا: " وغرثهم " بفتح الغين المعجمة وفتح الراء وثاء بعدها مثلثة، ومعناه قريب من قوله: " ضعفاؤهم وسقطهم "، أى مجاويعهم. والغرث: الجوع. ورواه الطبرى: " غرّتهم " بكسر الغين المعجمة وتشديد الراء وتاء باثنتين فوقها، ومعناه قريب مما تقدم، أى بلههم وغافلوهم، كما قال فى الحديث الآخر: " أكثر أهل الجنة البله " (١). سماه بالمصدر، أى ذوو الغرة، والبله منهم، ومعناه: سواد الناس وعامتهم من أهل الإيمان بالله، الذين لا يتفطنون للشبه فيدخل عليهم الاختلافات ويلقيهم فى الأهواء، وهم صحاح العقائد، ثابتو الإيمان، وهم أكثر المؤمنين.


(١) انظر: الكامل لابن عدى ٣/ ١١٦٠، ومجمع الزوائد ٨/ ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>