للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٩) باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء، وإن كان لها زوج انفسخ نكاحها بالسبى]

٣٣ - (١٤٥٦) حدّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْقَوَارِيرِىُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحٍ، أَبِى الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِى عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِىِّ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ بَعَثَ جَيْشًا إِلَى أَوْطَاسٍ، فَلَقُوا عَدُوًّا، فَقَاتَلُوهُمْ، فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ، وَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايا. فَكَان نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَرَّجُوا مِنْ غِشْيَانِهِنَّ مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجهِنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَنْزَلَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِى ذَلِكَ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (١) أَىْ فَهُنَّ لَكُمْ حَلالٌ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتهُنَّ.

ــ

وقوله فى سبى أوطاس: فكان ناساً تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل الله تعالى فى ذلك: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}: معنى " تحرجوا ": خافوا الحرج والإثم.

وقوله فى الحديث الآخر: " تجوبوا ": بمعناه: أى خافوا الجوب وهو الإثم. كذا رواه فى حديث يحيى بن حميد: عبد الله بن سعيد، ورواه السمرقندى: " تحرجوا " مثل الأول، وعند غيرهم: " تخوفوا " وكله بمعنى. وغشيانهن: أى جماعهن.

قال الإمام: السبى عندنا فى المشهور يهدم النكاح بهذه الآية، وسواء سُبى الزوجان معاً أو مفترقين. وقال ابن بكير عن مالك: إن سبيا جميعاً واستبقى الرجل أقرا على نكاحهما. ووجه المشهور من جهة الاعتبار أن بسبيها ملكت منافعها ورقبتها، فسقط ملك الزوج عن ذلك؛ لاستحالة ملك واحد بين مالكين هاهنا، وكأنه رأى - أيضاً - أنها إذا جاءت بأمان ثم سبى الزوج، كان تمكينه منها عيب على سيده، ولسيده أن يمنعه كما يعيبه. فلهذا لم يفترق الحال فى المذهب المشهور.

ورواية ابن بكير اعتل لها فى كتابه بأنهما إذا سبيا معاً واستبقى الرجل فقد صار له علينا عهد للموضع، هذا العهد وجب أن يكون أحق بها من المالك. هذا الذى اعتل به


(١) النساء: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>