للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٥) باب الترغيب فى قيام رمضان وهو التراويح]

١٧٣ - (٧٥٩) حدّثنا يَحْيَى بْن يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَن حمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ منْ ذَنْبِهِ ".

ــ

وقوله: " من قام رمضان إيماناً واحتساباً " الحديث، قال الإمام: [اختلف] (١) ما الأفضل فى قيام رمضان لمن قوى عليه، هل إخفاؤه فى بيته أم صلاته فى المساجد؟ فاستحب مالك [قيامه فى بيته] (٢)، واستحب غيره قيامه فى المسجد، ويحتج لمالك بقوله - عليه السلام -: " أفضل الصلاة ما كان فى بيوتكم إلا المكتوبة " (٣) وللمخالف بفعله - عليه السلام - وبأن عُمر استحسن ذلك من الناس لما رأى قيامهم فى المسجد، ومن جهة المعنى أن مالكاً احتاط للنية وآثر المنفعة النفسية، والمخالف رأى الإظهار أدعى إلى القلوب الأبيّة، وأبقى للمعالم الشرعية.

قال القاضى: اختلف اختيار مالك فيه، فذكر فى المدونة أنه كان يقوم أولاً معهم، ثم ترك ذلك ورأى القيام فى البيت أفضل، وقال الليث: لو قام الناس فى بيوتهم ولم يقم فى المسجد لانبغى أن يخرجوا من بيوتهم إليه، لأن قيام رمضان من الأمر الذى لا ينبغى تركه، وقد رأى ابن عبد الحكم من أصحابنا أن حضور الجماعة أفضل، كما قال أحمد وأصحاب أبى حنيفة، واختلف فيها أصحاب الشافعى، وقال أبو يوسف بقول مالك.

وفى قوله: " من قام رمضان " حجةً لمن أجاز تسمية الشهر برمضان، وقد كره ذلك بعضهم، وقال: رمضان اسم من أسماء الله، وإنما يقال: شهر رمضان، كما جاء فى القرآن، وقال بعضهم: إذا جاء بما لا يشكل وبما يبين أن المراد به الشهر كقولنا: صمنا رمضان، وقمنا رمضان، لم ينكر هذا، وينكر ما يشكل، كقوله: دخل رمضان، وجاء رمضان، والصحيح أن هذا كله غير معتبر، لما صرحت به الأحاديث من إطلاق ذلك، وأنه اسم من أسماء الله لا يصح.

ومعنى قوله: " إيماناً " أى تصديقاً بما جاء فى ذلك، واحتساباً أجره وصومه على الله تعالى، وقد روى هذا اللفظ فى الحديث، وكذا رواه الرواة فى كتاب مسلم يحيى بن


(١) ساقطة من ع.
(٢) فى ع: أن يقوم فى بيته.
(٣) البخارى، ك الأذان، ب صلاة الليل (٧٣١)، ومسلم، ك صلاة المسافرين، ب استحباب صلاة النافلة فى بيته وجوازها فى المسجد (٧٨١/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>