للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٥) باب جواز الجمع بين الصلاتين فى السفر]

٤٢ - (٧٠٣) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَجِلَ بِهِ السَّيْرُ، جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.

ــ

[أحاديث الجمع بين الصلاتين]

قال الإمام: الجمع بين الصلوات المشتركة الأوقات يكون تارة سنةً، وتارةً رخصةً، فالسنة الجمع بعرفة والمزدلفة، [ولا خلاف فى ذلك] (١)، وأما الرخصة فالجمع فى المرض والسفر والمطر، فمن تمسك بحديث صلاة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع جبريل - عليه السلام - وقدَّمه لم ير الجمع فى ذلك، ومن خصَّه أثبت جواز الجمع فى السفر بالأحاديث الواردة فيه، وقاس المرض عليه، فيقول: إذا أبيح للمسافر الجمع لمشقة السفر، فأحرى أن يباح للمريض، وقد قرن الله المريض بالمسافر فى الترخيص له فى الفطر والتيمم، وأما الجمع فى المطر فالمشهور من مذهب مالك إثباته فى المغرب والعشاء، وعنه قولة شاذة: أنه لا يجمع إلا فى مسجد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومذهب المخالف جواز الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فى المطر واحتج القائلون بالجمع بالحديث الذى فيه أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بالمدينة ثمانياً وسبعاً (٢). قال مالك أرى ذلك فى المطر، وهذا المعنى قاله (٣) غيره، فقال بالجمع (٤) بين الظهر والعصر على ما جاء فى الحديث، ولم يقل بذلك مالك فى صلاة النهار وخص الحديث بضربٍ من القياس، وذلك أن الجمع للمشقة اللاحقة فى حضور الجماعة، وتلك المشقة إنما تدرك النَّاسَ [فى الليل] (٥)؛ لأنهم يحتاجون إلى الخروج من منازلهم إلى المساجد، وفى النهار هم منصرفون فى حوائجهم، فلا مشقة تدركهم فى حضور الجماعة (٦)، وتأويل الحديث، على أنه كان فى مطر، يضعّفه ما فى أحد طرق هذا الحديث، وهو قول ابن عباس: " جمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فى المدينة فى غير خوف ولا مطر "، فقد نص ابن عباس على أنه لم يكن فى مطر، قال: وقيل فى تأويله: أن ذلك كان فى الغيم، فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر ثم انكشف له فى الحال أنه وقت العصر فصلاها، وهذا يضعفه جمعه فى الليل؛ لأنه لا يخفى دخول الليل


(١) من المعلم.
(٢) الذى فى المطبوعة: ثمانياً جميعاً وسبعاً جميعاً.
(٣) فى ع: تأوَّله.
(٤) فى ع: بل يجمع.
(٥) فى ع: بالليل.
(٦) فى ع: الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>