للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٦٥) باب جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها]

٣٧١ - (١٣٢٢) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: " ارْكَبْهَا ". قَالَ: يَا رسُولَ اللهِ، إِنَّهَا بَدَنَةٌ. فَقَالَ: " ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ " فِى الثَّانِيَةِ أَوْ فِى الثَّالِثَةِ.

(...) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِىُّ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَدَنَةً مُقَلَّدَةً.

ــ

وقوله - عليه السلام - للذى رآه يسوق بدنة: " اركبها " قَالَ: إنها بدنة قال: " اركبها، ويلك " فى الثانية [أو الثالثة، وفى رواية: " ويلك، اركبها] (١) "، قال الإمام: يتعلق بإطلاقه [و] (*) من يجيز ركوب البدن من غير حاجة، ويتعلق - أيضاً - بقوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} (٢)، ولا تركب عند مالك إلا للضرورة؛ لقوله بعد هذا من طريق جابر: " اركبها بالمعروف إذا أُلجئت إليها، حتى تجد ظهراً "، وهذا حديث مقيد يقضى على الحديث المطلق، مع أنه شىء خرج لله فلا يرجع فيه، ولو استبيحت المنافع من غير ضرورة لجاز استئجارها، ولا خلاف فى منع ذلك.

قال القاضى: ذهب أحمد وإسحاق، وأهل الظاهر إلى جواز ذلك؛ أخذاً بظاهر الحديث، ولقوله: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شعَائِرِ اللَّه} (٣)، وقد روى ابن نافع عن مالك: لا بأس أن يركب الرجل بدنته ركوباً غير قادح، وأوجب ركوبها بعضهم لمطلق الأمر به، وقد علل بعضهم جواز ذلك لمخالفة ما كانت عليه الجاهلية فى البحيرة والوصيلة والسائبة والحامى من الحرج من الانتفاع بها واحتجوا - أيضاً - بقوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} الآية، والعلة التى فى الحديث تقضى عليهم لجمهور العلماء، لاسيما وقد ورد فى غير كتاب مسلم: أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً يسوق بدنة وقد جُهد، فقال: " اركبها " (٤)، وفيه حجة لأحد قولى مالك أنه إذا احتاج إليها فركب واستراح نزل. قال إسماعيل القاضى: وهو الذى يدل عليه مذهب مالك، وهذا خلاف ما ذكره ابن القاسم أنه لا يلزمه النزول، وحجته إباحة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له الركوب، فجاز له استصحابه، وقال أبو حنيفة والشافعى: إن نقضها هذا الركوب المباح له فعليه قيمة ذلك ويتصدق به.


(١) سقط من ع.
(٢) الحج: ٣٣.
(٣) الحج: ٣٦.
(٤) البخارى، ك الحج، ب ركوب البدن ٢/ ٢٠٥، وأبو داود، ك المناسك، ب فى ركوب البدن ١/ ٤٠٨.
(*) قال معد الكتاب للشاملة: الصواب حذف الواو، انظر المعلم للمازري (٢/ ١٠٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>