للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٤٧) باب الرخصة فى التخلف عن الجماعة بعذر]

٢٦٣ - (٣٣) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِىُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُس عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىَّ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، منْ الأَنْصَارِ، أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّى قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِى، وَأَنَا أُصَلِّى لِقَوْمِى. وَإِذَا كَانَتِ الأَمْطَارُ سَالَ الوَادِى الَّذِى بَيْنِى وبَيْنَهُمْ، وَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِىَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّى لَهُمْ. وَدِدْتُ أَنَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ تَأْتِى فَتُصَلِّى فِى مُصَلَّى، فَأتخذهُ مُصَلى قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سَأَفْعَلُ، إِنْ شَاءَ اللهُ ". قَالَ عِتْبَانُ: فَغَدَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ الصَّدِّيقُ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ البَيْتَ. ثُمَّ قَالَ: " أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ مِنْ بَيْتِكَ؟ " قَالَ: فَأَشَرْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ البَيْتِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ،

ــ

وقوله فى حديث عتبان بن مالك: " فأذنت له فلم يجلس حتى دخل البيت ". كما رويناه - ثم قال: " أين تُحبُّ أن أصلى فى بيتك؟ ": كذا عند جماعة شيوخنا وفى سائر النسخ قال بعضهم: [صوابه] (١): " فلم يجلس حين دخل البيت ".

قال القاضى: هذا عندى تَعسُّف، بل صواب الكلام حتى دخل البيت، كما رويناه، أى لم يجلس فى الدار حتى [بادر إلى قضاء حاجته] (٢) التى جاء لها من الصلاة فى بيته، فدخل وسأله: أين نُصلى منه؟

فيه التبرك بالفضلاء، ومشاهد الأنبياء وأهل الخير ومواطنهم، ومواضع صلاتهم، وإجابة أهل الفضل لما رغب إليهم فيه من ذلك، تعاوناً على طاعة الله، وتنشيطاً على عبادته، وفيه إباحة التخلف عن الجماعة لضعف البصر والمطر وشبهه، وقال بعضهم: وفيه جواز صلاة الزائر برب البيت، إذا كان عن إذنه، فلا يعارض بالحديث الآخر بالنهى عن ذلك (٣). وعندى أن هذا لا حجة فيه؛ لأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحق بالإمامة حيث كان، وقد قال علماؤنا: إن الأمير إذا حضر أحق بالصلاة، فكيف بالنبى - عليه السلام - والأمر كله إليه، لكنه حق لصاحب المنزل مع غير النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا قدر غيره جاز.


(١) ساقطة من ت.
(٢) فى ت: حتى قضى حاجته.
(٣) سيأتى إن شاء الله قريباً: " لا يؤمَّنَّ الرجُل الرجل فى سلطانه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>