وقول حذيفة:" والله، إنى لأعلم الناس بكل فتنة هى كائنة بينى وبين الساعة، وما بى إلا أن يكون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسر إلى فى ذلك شيئًا لم يحدثه غيرى " كذا هى الرواية عند جميع شيوخنا. وقال بعضهم: وجه الكلام: " وما بى أن يكون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بإسقاط " إلا "، وكأنه رأى أن الكلام يختل بإثباتها لدلالة الكلام بها على إثبات السِّرِّ له (١). وقد أخبر متصلاً أن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر بذلك فى مجلس فيه ناس فتناقض عنده الكلام ويكون مراده: ما بى أنى اختصصت بعلم ما أسر إلى، بل قد شاركنى غيرى فى كثير من علمها من قبلها بدليل آخر الحديث أيضاً، وبقوله فى الحديث الآخر:" نسيه من نسيه وحفظه من حفظه "، لكن لهذا ولقوله فى ذلك المجلس الذى حدث فيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما حدث فذهب أولئك القوم غيرى، فانفرد هو بمعرفة ذلك دون غيره، وليس عندى فى ذلك تناقض، ولا فى إثبات إلا ما يختل به الكلام.
وإيداع النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحذيفة من سر الفتن ما أودع، مشهور فى الأحاديث الصحاح، وهو كان صاحب سرها، والاهتبال بالسؤال عنها. ويكون معنى كلامه: وما بى من عذر فى الإعلام بجميعها والحديث عنها إلا ما أسر إلى النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما لم يحدث به غيرى، ولعله حد له ألا يذيعه، أو رأى من الصلاح ألا يذيعه، إذا لم يكن عند غيره وأما ما لم