وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الدار من المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " هم منهم ": كذا الرواية الصحيحة للكافة، وعند العذرى، عن " الذرارى " مكان " الدار "، وليس بشىء وهو تصحيف، وما بعده يبين فيه الغلط.
قال الإمام: المراد بقوله: " هم منهم ": أن أحكام الكبار جارية عليهم فى مثل هذا، والدار دار كفر. فكل من كان فيها منهم ومن ذراريهم. وإن اعترض هذا بالنهى عن قتل النساء والولدان، قلنا: هذا وأراد فيهم إذا لم يتميزوا فقتلوا من غير قصد لقتلهم، بل كان القصد قتل الكبار، فوقعوا فى الذرارى من غير عمد ولا معرفة، والأحاديث المتقدمة وردت فيهم إذا تميزوا. وقد قال فى هذا الحديث:" يبيتون فيصيبون من نسائهم "، وهذه إشارة إلى ما قلناه.
قال القاضى: أكثر العلماء عن الأخذ بهذا الحديث، وأنه خير معارض للنهى عن قتل النساء والصبيان والأطفال لما تقدم من العلة قبل، وأنهما أصلان يستعملان ذلك على الانفراد، وهذا على الاختلاط. وممن قال به مالك وأبو حنيفة والشافعى والثورى، ورأوا أن رميهم بالمجانيق (١).
واختلف فى رميهم فى حصونهم أو مراكبهم بالنيران وتحريقهم، فأجاز ذلك الشافعى والثورى (٢)، إلا أنه يستحب ألا يرموا بالنار ما أطيق تغليبهم بغير ذلك؛ للنهى عن التحريق، وأنه لا يعذب بالنار إلا الله - سبحانه وتعالى - وهذا مذهب مالك وعلماء المدينة،