للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢١) باب جواز أكل المرق، واستحباب أكل اليقطين، وإيثار أهل المائدة بعضهم بعضاً وإن كانوا ضيفاناً إذا لم يكره ذلك صاحب الطعام

١٤٤ - (٢٠٤١) حدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ - فِيَما قُرِئَ عَلَيْهِ - عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ. قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ، وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ. قَالَ أَنَسٌ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَىِ الصَّحْفَةِ. قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مُنْذُ يَوْمَئِذٍ.

١٤٥ - (...) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ - أَبُو كُرَيْبٍ - حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَعَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَجِىءَ بِمَرَقَةٍ فِيهَا دُبَّاءُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأكُلُ مِنْ ذَلِكَ الدُّبَّاءِ وَيُعْجِبُهُ. قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ جَعَلْتُ أُلُقِيهِ إِلَيْهِ ولا أَطْعُمُهُ. قَالَ: فَقَالَ أَنَسٌ: فَمَا زِلْتُ بَعْدُ يُعْجِبُنِى الدُّبَّاءُ.

ــ

وقول أنس: " فرأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتبع الدباء حوالى الصحفة "، قال القاضى: الدباء، بالمد وضم الدال: القرع المأكول فى هذا الحديث، وقد جاء مقصوراً أيضاً، فمن مده قال فى واحده: دباءة، ومن قصر قال فى الواحدة: دباة. أنبأنا به بعض شيوخنا عن أبى مروان بن سراج: لم يذكر فيها أبو على غير المد.

وقوله: " وجعلت ألقيه إليه ولا أطعمه ": فيه جواز مناولة من على المائدة ما بين أيديهم بعضهم بعضاً مما بين أيديهم؛ لأن جميعه لهم، وإنما يكره من ذلك أن يتناول من على مائدة لمن على مائدة أخرى، وقاله ابن المبارك، وكذلك أن يتناول إنسان ما أمام غيره لآخر؛ لأنه يجمع سوء الأدب، وعلة الأكل مما بين يدى غيره، وأنس هنا لم يكن معه غير النبى - عليه السلام - وكان الطعام بين أيديهما معاً لا غير، فإنما ناول أنس ما بين يدى نفسه، وغير ذلك كان بين يدى النبى - عليه السلام.

قال الإمام: وتتبع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدباء يحتمل أن يكون من باب الطعام المختلف، أو لأنه كان يأكل مع من يعلم سروره بذلك ولا يستثقله.

قال القاضى: أو لأن الطعام إنما كان عمل النبى - عليه السلام - فكان جميعه له؛

<<  <  ج: ص:  >  >>