للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٣) باب جواز بيع الحيوان بالحيوان، من جنسه، متفاضلا]

١٢٣ - (١٦٠٢) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِىُّ وَابْنُ رُمْحٍ، قَالا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ. ح وَحَدَّثَنِيهِ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. قال: جَاءَ عَبْدٌ فَبَايَعَ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْهِجْرَةِ، وَلَمْ يَشْعُرْ أَنَّهُ عَبْدٌ. فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بِعْنِيهِ "، فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ، ثُمَّ لَمْ يُبَايِعْ أَحَدًا بَعْدُ، حَتَّى يَسْأَلهُ: " أَعَبْدٌ هُوَ؟ ".

ــ

وقوله: جاء عبد فبايع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يشعر أنه عبد، فجاء سيده يريده، فقال: " بعنيه "، فاشتراه بعبدين أسودين، ثم لم يبايع أحداً بعد حتى يسأله: " أعبدٌ هو؟ ": ظاهره أن مولاه كان مسلماً، وكان النبى سرّحه فاستحقه مولاه بصحة ملكه له، ثم أراد - عليه السلام - بما جبل عليه من مكارم الأخلاق ألا يرده، ولا ينقض ما عقد له، فاشتراه من مولاه. ويدل أن مولاه مسلم دَفْعه له العبدين وإلا فقد بايع - عليه السلام - من نزل إليه من عبيد أهل الطائف وغيرهم ولم يصرفهم على مواليهم. وشرائه العبد بالعبدين أصل فى هذا الأسلوب، ولا خلاف فى شراء العبد بعبدين نقداً وسائر الأشياء والتفاضل بها وإن كانت من جنس واحد، ما عدا ما تقدم من العين وما نص معها فى الحديث وليس عليها مما تقدم. واختلف الناس فى بيع ما عدا ذلك من الجنس الواحد باختلاف العدد والصفة إلى الأجل، أو باتفاقهما ممَّا لم يفصل بذلك سلفًا جرّ نفعاً والزيادة فى السلف - كان هذا رباً عند الجميع، إذا كان ظاهراً معلوماً مقصوداً، فلا يرى أن ما كان فى حكمه أو ذريعة إليه فلا يجيزه، إلاَّ أن تختلف الصفات والأغراض فيصيرا والجنسين ونظيرهما مقصد البيع والمعاوضة، واغتنى أولى المنافع من المتبايعين لا مقصد الزيادة فى السلف كاختلاف الإبل والنجابة أو الحمولة أو الخيل بالسبق والفراهة (١)، والعبيد بالتجارات والفصاحة والصنعة، والجوارى بالطبخ والصناعة والفراهة على الصحيح من القولين، والثياب بالرقة والصباقة، والشيلوف بالقطع والجوهر [وجعل الجوة] (٢) فى جهة وكثرة العدد فى الجهة الأخرى اختلاف فى الأغراض ويجيزه. والشافعى لا يكره شيئًا من ذلك فى الحيوان وغيره، اختلف أم لم يختلف، ولا ربا غيره فى شىء إلا ما تقدم وهو قول أبى ثور وداود والمروزى، وروى عن ابن المسيب وابن عباس وغيرهما. واختلف فى ذلك عن


(١) يعنى المواهب، وأن تلد، اللسان.
(٢) فى الأبى: فيجعل الأجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>