للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٩) باب التسبيح أول النهار وعند النوم]

٧٩ - (٢٧٢٦) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لابْنِ أَبِى عُمَرَ - قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الَرَّحْمَنِ - مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ - عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ؛ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِىَ فِى مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهِىَ جَالِسَةٌ. فَقَالَ: " مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِى فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ ". قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ ".

ــ

وقوله: " سبحان الله وبحمده " إلى قوله: " ومداد كلماته " بكسر الميم، قيل: مثلها ومقدارها وعددها. وقيل: معناه: مددها والمداد مصدر كالمدد، أى الطول والكثرة، وهو هنا مجاز؛ إذ كلمات الله لا يأخذها قدر يقدر، ولا زمان، وإنما المتنصود بهذا المبالغة فى الكثرة لأنه ذكر أولاً ما يأخذه العدد الكثير من عدد الخلق وزنة العرش، ثم عدل إلى ما هو أكثر من ذلك فعبر عنه بهذا، أى ما لا يحصيه عدد كما لا يحصى كلمات الله، وهذا مثل قوله: {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّى وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} (١) قيل: كلماته هنا: علمه. وقيل: كلامه.

وقوله: " وزكها أنت خير من زكاها ": أى طهرها. " وخير " هنا ليست للمفاضلة، لكن لإثبات أنّه لا مزكى لها سواه، كما قال بعد: " أنت وليها ومولاها ".

وقوله لفاطمة حين أتته تسأله خادمًا، وتشتكى ما تلقى من الرحاء، وتشفعها بعائشة فى ذلك، وقول النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألا أدلكما على ما هو لكما خير من ذلك، تسبحين ثلاثاً وثلاثين، وتحمدين ثلاثاً وثلاثين، وتكبرين أربعاً وثلاثين، إذا أخذت مضجعك ": ظاهره أن النبى أعلمهم أن عمل الآخرة على كل حال أفضل من أمور الدنيا، وهذا ما لا شك فيه، وإنما قصد النبى [هذا] (٢) لما لم يمكنه الخادم التى سألت، كما قال فى الحديث الآخر: " ما ألفيته عندنا "، ثم علمهما إذا فاتهما ما طلباه ذكرًا يحصل لهما به أجر أفضل مما سألاه وهذا معنى الحديث.

ولا وجه لمن استدل به على أنّ الفقر أفضل لأنّ النبى إنما عدل لهما عن الخادم إلى


(١) الكهف: ١٠٩.
(٢) من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>