للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٤) باب ما يفعل بالمحرم إذا مات]

٩٣ - (١٢٠٦) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ خَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَعِيرِهِ، فَوُقِص، فَمَاتَ. فَقَالَ: " اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِى ثَوْبَيْهِ، وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا ".

٩٤ - (...) وحدَّثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِىُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَأَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةً، إِذْ وَقَعَ مِنْ رَاحلته. قَالَ أَيُّوبُ: فَأَوْقَصَتْهُ - أَوْ قَالَ: فَأَقْعَصَتْهُ - وَقَالَ عَمْرٌو: فَوَقَصَتْهُ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفّنُوهُ فِى

ــ

وقوله فى الذى وقص عن راحلته، فمات محرماً: " اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه فى ثوبيه، لا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً ": هذا الحديث مما اعتمد عليه الشافعى فى المحرم إذا مات؛ أنه لا يحنط ولا يغطى رأسه، وبه قال أحمد وإسحاق، وقال مالك والكوفيون والحسن والأوزاعى: إن المحرم يفعل به ما يفعل بالحلالِ، وقد احتج مالك على هذا بأن العمل إنما يلزم الإنسان ما دام حياً، وهذا هو الأَصلُ، وتأويل الحديث عند من قال بخلافه: أنها قضية فى عين مخصوصة لا تُعدّى إلا بدليل، وهذا حجة فى إحرام الرجل فى رأسه، ولا خلاف فيه.

وقد اختلف العلماء فى تغطية المحرم وجهه مع اتفاقهم على وجوب إحرام رأسه، فذهب مالك إلى منعه للرجال، وأن إحرام الرجل فى رأسه ووجهه، والمرأة فى وجهها فقط، وهو قول أبى حنيفة، ولأصحابنا فى ذلك وجهان؛ هل هو على الوجوب أو الندب؟ وجمهورهم على أنه لا إحرام فى وجه الرجل، وأن نهيهم عن حنوطه فى حقهم لكونهم محرمين، ولأن فى تغطيته وتطييبه تمام المراد من غسله وتنظيفه وستره كسائر الموتى، ولقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فإنه (١) يبعث يوم القيامة ملبياً ": ولا علم لنا بهذه الصفة لغيره. وقوله: " اغسلوه بماء وسدر ": يدل أن حكم الإحرام ساقط عنه، إذ مثل هذا لا يجوز للمحرم من إزالة الدرن بالسدر وشبهه من الخطمى، وقد منعه مالك من أن يغسل


(١) فى الأصل: أنه، وفى س: لأنه، والمثبت من الصحيحة المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>