للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٨١) باب معرفة طريق الرؤية]

٢٩٩ - (١٨٢) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزيِدَ اللَّيْثِىِّ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ نَاساً قَالُوا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَة؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟ " قَالُوا: لا، يَا رسُولَ اللهِ. قَالَ: " هَلْ تُضَارُّونَ فِى الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا

ــ

وقوله: " هل تضارون فى الشمس ": وفى الحديث الآخر: " تضامون "، قال الإمام: فيه ردٌ على المعتزله فى إحالتهم رؤية الله تعالى. ويُروى بتشديد الراء وبتخفيفها، فالتخفيف مأخوذ من الضير، والأصل فيه تضرون (١).

والمعنى: لا يخالف بعضكم بعضاً ولا تتنازعون، يقال: ضاره يضيره ويَضوره، وأمَّا تُضَارون، بالتشديد، فمعناه ومعنى التخفيف واحد، فيكون على معنى: لا تُضَارَرُون، فُتسَكّنُ (٢) الراء الأولى وتُدغَم فى التى بعدها، ويُحذَفُ المفعول لبيان معناه. وقيل: لا يحجب بعضُكم بعضاً عن رؤيته فيضره بذلك. ويجوز أن يكون على معنى: لا تُضارَرُون (٣)، بفتح الراء الأولى، أى [لا] (٤) تتنازعون ولا تجادلون، فتكونون أحزاباً يضر بعضكم بعضاً فى الجدل، ويقال: ضاررته مضارة إذا خالفته. وأما مَنْ روى لا تُضامّون، بالميم وتشديدها، فمعناه: لا ينضم بعضكم لبعض فى وقت النظر كما تفعلون بالهلال، ومن رواه بتخفيف الميم فمعناه: لا ينالكم ضيمٌ فى رؤيته فيراه بعض دون بعض، بل يستوون فى الرؤية. وأصله (٥): تُضْيَمون على وزن تُفْعلُونَ وَألقِيت فتحة الياء على الضاد فصارت الياء ألفاً لانفتاح ما قبلها، والضَيْم: الذُّل.

قال القاضى: وقال فيه بعض أهل اللغة: تَضَامُّونَ وتضارون (٦) بفتح التاء وتشديد الراء والميم، ومعناه: تتضاررونَ وتتضامَمُون (٧)، قال بعضُهم: ومعناه فى اللغة: يُضَارُّ


(١) أى المبنى للمعلوم.
(٢) فى ت: تُسكن.
(٣) هكذا فى المخطوط، وأرى أن صحتها: تتضاررون. ذلك أنه فسرها بعد ذلك بقوله: تتنازعون، ولا مجال هنا للتأكيد بالنون الثقيلة، وهو يشير بذلك إلى أن الإدغام ضيع بيان حركة الراء الأولى، وهى التى تتحكم فى كونه للفاعل حين تكون مكسورة، أو للمفعول إن كانت مفتوحة.
(٤) ساقطة من الأصل.
(٥) يريد الإمام بكلمة (الأصل) الفعل المبنى للمعلوم قبل تحويله، فهى من الرباعى أضام وأضار، وليست من الثلاثى ضام وضار، إذ أن صيغة المبنى للمجهول تتفق فيهما وذلك مثل مال وأمال.
(٦) لعلها: وتصارَّون.
(٧) القاعدة: أنه إذا اجتمع تاءان فى أول المضارع إما أن تحذف إحداهما تخفيفاً، وإما أن تدغم الأولى فيما بعدها، وإما أن تظل التاءان، وتلك الأوجه الثلاثة جائزة فى كل ما أوله تاءان، وعليه ففى قوله تعالى: {تَظَاهَرُونَ} [البقرة: ٨٥] فيها الأوجه الثلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>