للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٤) باب استحباب تواضع الآكل وصفة قعوده]

١٤٨ - (٢٠٤٤) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، كِلاَهُمَا عَنْ حَفْصٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سُلَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْعِيًا، يَأكُلُ تَمْرًا.

١٤٩ - (...) وحدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ. قَالَ ابْنُ أَبِى عُمَرَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أُتِىَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ، فَجَعَلَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُهُ وَهُوَ مُحْتَفِزٌ، يَأكُلُ مِنْهُ أَكْلاً ذَرِيًعا. وَفِى روَايةِ زُهَيْرٍ: أَكْلاً حَثِيثًا.

ــ

وقوله: والحديث الآخر: " أتى بتمر فجعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقسمه وهو محتفز " بالزاى: مستعجل مستوف، وغير متمكن فى جلوسه، والاحتفاز: الاستيفاز، وفسره فى الرواية الأخرى بقوله: " مُقْعِياً "، والإقعاء: جلسة المستوفز على أطراف إليتيه، وهذا هو تفسير قوله: " أما أنا فلا آكل متكئاً " عند أبى سليمان الخطابى: أى متمكناً فى الجلسة من التربع وشبهه، والاعتماد على الوطاء الذى تحته، قال: وكل من استوى قاعداً على وطاء فهو: متكئ، ومعناه عنده: أى لا آكل أكل من يريد الاستكثار من الأطعمة، ويتمكن للقعود لها قعد مستوفز، أو أكل العلقة للضرورة، كما قال آخر الحديث: " بل آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد ".

وروى أنه - عليه السلام - كان يجلس إذا أكل مقعياً، وهو نحو قوله هنا: " مستوفزاً "، وإنذار الخطابى أن يكون تفسير الحديث: الاتكاء على الجانب، وهو تأويل أكثر الناس، وعلته عندهم وجهان:

أحدهما: أنه من شيم أهل الكبر والترفه.

والثانى: يخشى ضرره لأجل ضغط مجارى الطعام بضغط الجانب والأضلاع بالاتكاء.

وقوله: " ويأكل منه أكلاً ذريعاً ": أى كثيراً، وفى الرواية الأخرى: " حثيثاً ": أى مستعجلاً، وهو تفسير معنى الذريع الكبير المتقدم، أنه فى صفة الأكل، وحثه وكثرة استعجاله لاستيفازه لا كثرة المأكول؛ إذ لم يكن صفته - عليه السلام - الإكثار من الأكل، وقيل: إن هذا التمر لم يكن من الصدقة؛ لأكل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه، أو يكون استعجاله وإكثاره الأكل لحاجته إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>