للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٩) باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه]

٥٣ - (٢٧٦٩) حدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ أحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ - مَوْلَى بَنِى أُمَيَّةَ - أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: ثمَّ غَزَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ - وَهُوَ يُرِيدُ الرَّومَ وَنَصَارَى العَرَبِ بِالشَّامِ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْب بْنِ مَالِكٍ، أنَّ عَبْدَ اللهِ ابْنَ كَعْبٍ كَانَ قَائَدَ كَعْبٍ، مِنْ بَنِيِهِ، حِينَ عَمِىَ. قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى غَزْوَةِ تَبُوَكَ. قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: لَمْ أتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ، إلا فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أنِّى قَدْ تَخَلَّفْتُ فِى غَزَوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبْ أحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهُ، إنَّما خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُسْلمُونَ يُريدُونَ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ، عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ. وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ، حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلى الإسْلامِ، وَمَا أُحِبُّ أنَّ لِى بِها مَشّهَد بَدْرٍ، وَإِنْ كَانتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِى النَّاسَ مِنْهَا. وَكَانَ مِنْ خَبَرِى، حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ، أنِّى لَمْ أكُنْ قَطُّ أقْوَى وَلا أيْسَرَ مِنِّى حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِى تِلْكَ

ــ

حديث كعب بن مالك والثلاثة الذين خلفوا، فيه: هجران أهل الذنوب، وقطع مكالمتهم، والإعراض عنهم، وترك رد السلام عليهم؛ إذ كان ثم من يرده غيرك أو رده سراً، تأديباً لهم، كما نهى النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كلام هؤلاء الثلاثة، واجتناب الناس لهم، وتركه النظر إلى كعب إذا رآه، وأمره لهم باعتزال نسائهم.

وفيه حجة أن السجون يضيق عليه. وفيه حجة لقول مَنْ قال من أئمتنا: إن المسجون فى الذنوب لا تترك معه زوجته تضييقاً عليه، وهو قول سحنون؛ لأمره - عليه السلام - لهم باعتزال نسائهم. وابن عبد الحكم من أئمتنا يرى ألاّ يفرق بينه وبين زوجته إذا كان السجن خالياً، أو فيه موضع تنفرد فيه معه المرأة عن الرجال.

وفيه سنة ركعتى المسافر إذا قدم كما كان يفعل - عليه السلام - وقد ذكرنا ذلك.

وفيه فضل الصدق وحسن عقباه الذى نجا كعباً وصاحبيه، وكان سبب التوبة [عليهم] (١) وكان أمرهم يعد زيادة فى فضلهم [ومتعته] (٢) لهم، بخلاف غيرهم ممن كذب وخلف من أهل النفاق، وفضيحة الله لهم وذمهم ووعيدهم.


(١) من ح.
(٢) هكذا فى ز، وفى ح: منقبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>