للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٩٠) باب شفاعة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبى طالب والتخفيف عنه بسببه

٣٥٧ - (٢٠٩) وحدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِىُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأمَوِىُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَل نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَىءٍ، فَإنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ ويَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: " نَعَمْ هُوَ فِى ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَلَوْلا أَنَا لَكَانَ فِى الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ ".

٣٥٨ - (...) حدّثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ؛ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا طَالِبٍ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَنْصُرُكَ، فَهَلْ نَفَعهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: " نَعَمْ، وَجَدْتُهُ فِى غَمَرَاتٍ مِنَ النَّارِ، فَأخْرَجْتُهُ إلَى ضَحْضَاحٍ ".

ــ

قال الإمام: وقوله فى أبى طالب: " وجدتُه فى غُبَرَاتٍ من النار ": الغبرات: البقايا، وفى رواية أخرى: " غمرات منها ": أى شىء كثير.

قال القاضى: لم يروه إلا " غمرات "، وهو الذى يصحُ به المعنى ولا وجْه هنا للبقايا، والغَمْر كل شىء كثير، والغَمْر الماء الكثير، وفرسٌ غمرٌ كثير، ورجلٌ غمر كثير الجود، ويبين صحته ذكره بعد الضحضاح، وأنه أخرجه من الغمرات إليه وهو الماء القليل وحديث عمرو بن العاص الذى ذكره بعد هذا، وغمارُ الناس: جماعَتُهم.

وقوله: " فاخرجته إلى ضحضاح "، قال الإمام: الضحضاح: ما رقَّ من الماء على وجه الأرض، ومنه وصف عمرو بن العاص يذكرُ عُمَر - رضى الله عنهما -: " [لم يتعلق من الدنيا بشىء] (١)، جانب غمرَتَها ومشى ضحضاحها وما ابتلت قدماه " يقول: لم يتعلق من الدنيا بشىء.

قال القاضى: وقوله فيه: " هل نفعته بشىء " ثم ذكر هذا، وقوله بعدُ فى الحديث الآخر: " لعله تنفعه شفاعتى يوم القيامة " وقد قال الله تعالى فى الكفار: {فَمَا تَنفعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (٢) وقال: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى} (٣) فالجواب: أنه ليس فيه نص على أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شفع فيه، وإنما أخبر أنه نفعه قربُه منه وذبُّهُ عنه كما سُقى أبو لهب بعتقه ثويْبة مرْضعَتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بركةً منه فاضت


(١) سقط من الأصل.
(٢) المدثر: ٤٨.
(٣) التوبة: ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>