للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٣١) باب بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح]

٩٢ - (١٠٣٢) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَىُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ؟ فَقَالَ: " أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الفَقْرَ وَتأمُلُ الغِنَى، وَلا تُمْهِلَ حَتَّى إِذَا بَلغَتِ الحُلقُومَ قُلْتَ: لِفُلانٍ كَذَا، وَلِفُلانٍ كَذَا، أَلا وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ ".

٩٣ - (...) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَىُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ فَقَالَ: " أَمَا وَأَبِيكَ لتُنَبَّأَنَّهُ: أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الفَقْرَ وَتأمُلُ البَقَاءَ، وَلا تُمْهِلَ حَتَّى إِذَا بَلغَتِ الحُلقُومَ قُلْتَ: لِفُلانٍ كَذَا، وَلِفُلانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ ".

(...) حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِىُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ القَعْقَاعِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ جَرِيرٍ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: أَىُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ.

ــ

وقوله فى أفضل الصدقة: " وأنت صحيح شحيح ": الشح والبخل. بمعنى. قال الخطابى (١): قيل: الشح أعمّ من البخل، وكان الشح جنس والبخل نوع، وأكثر ما يقال: البخل فى إفراد الأمور، والشح عام كالوصف اللازم، وهو من قبل الطبع؛ لأن البخل فى هذه الحالة غالب على الإنسان، فإذا شح على هذه الحالة كان أصدق لنيته، وأعظم لأجره، بخلاف إذا أشرف على الموت وآيس من الحياة، ورأى مصير المال لغيره، تصدق حينئذ بما لا يشح عليه، وأعطى ما غيره أحق به منه، إلا [ما] (٢) أباحه له الشرع من المتصرف فى ثلثه، مع أنه قد يكون تركه حينئذ للورثة أفضل من الصدقة به، على ما سيأتى فى موضعه، فالبون بينهما بيّن.

وقوله: " بلغت نفسه الحلقوم ": مجاز وتقريب لخوف الموت، لا أنه على الحقيقة، إذ من بلغت نفسه الحلقوم لا يجوز له صدقة ولا وصية.

وقوله: " لفلان كذا ألا وقد كان لفلان ": قال الخطابى: المراد به الوارث، وقد يحتمل أن يريد به سبق القضاء به للموصى.


(١) انظر: معالم السنن ٢/ ٢٦٣.
(٢) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش بسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>