للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢) باب وجوب الطهارة للصلاة]

(٢٢٤) حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِىُّ - وَاللَّفْظُ لِسَعِيدٍ - قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ يَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ. فَقَالَ: أَلا تَدْعُو اللهَ لِى يَا ابْنَ عُمَرَ؟ قَالَ: إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ "

ــ

وقوله: " لا يقبل الله صلاةً بغير طهورٍ، ولا صدقةٍ من غلول ": الغلولُ: الخيانة.

وهذا الحديث نصٌّ وأصلٌ فى وجوب الطهارة من السنة مع أمثاله من الآثار (١)، وهذا مما لا خلاف فيه بين الأمة، وأن الصلاة من شرطها الطهارة بإيجاب الله تعالى فى كتابه، وعلى لسان نبيه، وإجماع أهل القبلة على ذلك.

واختلف متى فُرضت الطهارة للصلاة، وهل كانت فى أوّل الإسلام فرضاً أو سنةً؟ وهل هى فرض على كل قائم للصلاة أو على كل محدث؟ وفى الوضوء لغير الفرائض هل هو فرض أو له حكم ما تُوضِّئ من أجله؟ فقال ابن الجهم: إن الوضوء أولاً كان سُنةً، وإن فرضه نزل فى آيةِ التيمم، وقال غيره: إن قوله تعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى} (٢) غير مشترط فيه طهارة، وأنَّ آيةَ الوضوء ناسخةً لذلك (٣)، وقال غيره - وهو قول الجمهور -: بل كان قبل فرضاً، ولا تُسْتباحُ الصلاة إِلَّا بطهارةٍ من الوضوء والغسل، قال بعضهم: وذلك بسنة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمره (٤) وآية الوضوء (٥) إنما نزلت بحكم التيمم،


(١) اعترض على هذا بأن الحديث إنما فيه أن الطهارة شرط فى القبول، والقبُول أخصّ من الصحة، وشرط الأخص لا يلزم أن يكون شرطاً فى الأعم، وكان القبولُ أخصَّ لأنه حصول الثواب على الفعل، والصحة وقوع الفعل مطابقاً للأمر، فكل متقبَّل صحيحٌ دون عكس، وعلى هذا فالذى ينتفى بانتفاء الشرط الذى هو الطهارة القبولُ لا الصحة، وإذا لم تنتف الصحةُ لم يتم الاستدلال بالحديث. الأبى ٢/ ٧.
(٢) النساء: ٤٣.
(٣) قال ابن العربى: أما هذه الآية فلا يصح نسخُها بحال، لأن التكليف مقرون بصحة العقل، والصلاة من أجَلِّ وظائف التكليف، فلا يمكن إقامتها إِلَّا مع وجود العقل الذى يرتبط مع الأقوال والأفعال، وينعقد بالنيات والمقاصد، ومن أصابه أقل من ذلك مما يشغل البال ومما يذهب التحصيل، كالغثيان - اضطراب النفس حتى تكاد تتقيأ - والقرقرة - صوت الأمعاء فى البطن - والحقنة - وجع البطن باحتباس البول - لم تجز الصلاة معه، فكيف بما يذهب أصل التحصيل؟ ... قال: وكان هذا إبان حلَّت الخمر فلما حُرِّمت بقى النهى عليها فى هذه الآية، فالآيه على ذلك حديث عن تاريخ التشريع. الناسخ والمنسوخ فى القرآن الكريم ٢/ ١٧٣.
(٤) لأن هذه الآية - آية المائدة - مدنية بلا خلاف؛ لأنها نزلت فى قصة عائشة، كما أنه لا خلاف أن الوضوء كان مفعولاً قبل نزولها غير متلوٍّ.
(٥) فى الأصل: التيمم.

<<  <  ج: ص:  >  >>