للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٧٩) باب فى قوله عليه السلام: " إن الله لا ينام "، وفى قوله: " حجابه النور لو كشفه لأحرق سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه "]

٢٩٣ - (١٧٩) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، حَدَّثَنَا الأَعمشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِى عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ: " إنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِى لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَملُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلَ، حِجَابُهُ النُّورُ - وَفِى رِوَايَةِ أَبِى بَكْرٍ: النَّارُ - لَوْ كَشْفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ ". وَفِى رِوَايَةِ أَبِى بَكْرٍ عَنِ الأَعْمَشِ وَلَمْ يَقُلْ: حَدَّثَنَا.

٢٩٤ - (...) حدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعَمْشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ،

ــ

وقوله: " حجابه النور - وفى رواية أخرى النار - لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصرُه من خلقه " (١)، قال الإمام: الهاء فى " وجهه " تعود على المخلوق لا على الخالق، إذ الحجاب بمعنى السَّتر إنما يكون على الأجسام المحدودة، والبارى - جلت قدرتُه - ليس بجسم ولا محدود، والحجاب فى اللغة: المنع، ومنه سمى المانع من الأمير حاجباً؛ لمنعه الناس عنه، ومنه الحاجب فى الوجه؛ لأنه ممنع الأذى عن العين، والإنسان ممنوع من رؤية الخالق فى الدنيا فسُمى منعه حجاباً، ولما كان النور والنار مانعين فى العادة من الإدراك - وهما من أشرف الأشياء المانعة - أخبر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لو كشف عن النار والنور المانعين من الإدراك فى العادة لأحرقت وجوه المخلوقين، وإن البارى - سبحانه - لا تقابله الأنوار وتقابل المخلوقين وتمنعهم من الرؤية.

وأما تفسير السُبُحات، فقال الهروى: سبُحات وجهه: نور وجهه، وفى كتاب العين: سُبْحَةُ وجهه هى نور وجهه وجلاله، وإنما نقلنا هذا لتعلم قول أهل اللغة فى هذا اللفظ لا على اتّباعه فيما يرجع الضميرُ إليه، وإطلاق هذا اللفظ الذى قالوه. قال القاضى: ما قاله الإمامُ - رحمه الله - صحيح، لكنه يضيق حمله على وجه


(١) زيد بعدها فى ق: فيأتى معنى كشفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>