للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٧) باب حكم ولوغ الكلب]

٨٩ - (٢٧٩) وحدّثنى عَلِىُّ بْنُ حُجْرِ السَّعْدِىُّ، حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ، أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى رَزِينٍ وَأبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِى إنَاءِ أحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ، ثُمَّ ليَغْسِلْهُ سَبْعَ مِرَارٍ ".

(...) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ وَلَمْ يَقُلْ: فَلْيُرِقْهُ.

ــ

وقوله: " إذا ولغ الكلب فى إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسِله سْبعًا "، قال الإمام: اختلف فى غسل الإناء من ولوغ الكلب، هل هو تعبُّدٌ أو لنجاسةٍ؟ فعندنا أنه تعبُّدٌ، واحتج أصحابنا بتحديد غسْلِه بسبع مراتٍ أنه لو كانت العلة النجاسة لكان المطلوب الإنقاء، وقد يحصُل فى مرةٍ واحدةٍ، واختلف عندنا، هل يغسل الإناء من ولوغ الكلبِ المأذون فى اتخاذه؟ فيصح أن يبنى الخلاف [على الخلاف] (١) فى الألف واللام من قوله: " إذا ولغ الكلب "، هل [هى] (٢) للعهد أو للجنس؟ فإن كانت للعهد اختص ذلك بالمنهى عن اتخاذه، لأنه قد قيل: إنما سببُ الأمر بالغسْلِ التغليظ عليهم لينتهوا عن اتخاذها. وهل يغسل الإناء من ولوغه فى الطعام؟ [فيه] (٣) أيضًا خلافٌ، ويصح أن يبنى على خلاف أهل الأصول فى تخصيص العموم بالعادة (٤)، إذ الغالب عندهم وجود الماء لا الطعام.

قال القاضى: اختلف فى غسل الإناء من ولوغه، وفى العلة فى ذلك وفى حكم الماء الذى ولغ فيه هل هو نجسٌ أم لا؟ فمذهبنا ما تقدم من طهارته (٥)، وأن الغسل تعبُّدٌ مستحقُ العدد، وهو مذهب أهل الظاهر (٦)، لكن يُتنزَّه عنه عندنا مع وجود غيره، وهو قول الأوزاعى، وقال الثورى: من لم يجد غيره توضأ به ثم يتيمم، ووافقنا الشافعى فى


(١) من المعلم.
(٢) من المعلم والإكمال.
(٣) من المعلم.
(٤) تقرير المسألة: هل العادة الواقعة قبل العام تصلح للتخصيص؟ ذهب بعض الشافعية إلى أن ذلك تخصيص إن أقرَّها النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن كانت فى زمانه وعلم بها ولم ينكرها، أو الإجماع بأن فعلها الناس من غير إنكار عليهم.
قال الإمام فى المحلى: والمخصص فى الحقيقة التقرير أو الإجماع. راجع حاشية البنانى على شرح جمع الجوامع ٢/ ٣٤، الإحكام فى أصول الأحكام ٢/ ٣١٠.
(٥) المدونة الكبرى ١/ ٥.
(٦) المحلى لابن حزم ١/ ١١٢، ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>