للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٣٦) باب اجتناب المجذوم ونحوه]

١٢٦ - (٢٢٣١) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بِنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَهُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: كَانَ فِى وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ، فَأَرْسَلَ إِليْهِ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ ".

ــ

وقوله: كان فى وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنا قد بايعناك فارجع "، قال القاضى: هذا موافق للحديث الآخر فى صحيح البخارى: " وفر من المجذوم فرارك من الأسد " (١)، وقد مضى الكلام على هذا المعنى، وأنه غير معارض لقوله. " لا عدوى "، وهو موافق لقوله: " لا يوردن ممرض على مصح " (٢). وقد اعترض النظام من المبتدعة بمعارضة هذه الأحاديث. وما تقدم من الكلام فى باب العدوى كافٍ فى الرد عليه.

وقد اختلفت الآثار عن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى قصة المجذوم وحكمه، فروى عنه ما تقدم، وقد ذكر الطبرى عن جابر: أن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واكل مجذوماً وأقعده معه، وقال: " كل ثقة بالله وتوكلاً عليه " (٣)، وعن عائشة وقد سألتها امرأة عن الحديث المتقدم فى الفرار منه فقالت: كلا والله، ولكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا عدوى فمن أعدى الأول؟ "، وقد كان لنا مولى أصابه ذلك، فكان يأكل فى صحافى ويشرب فى أقداحى، وينام على فراشى (٤). وهذا يدل من فحوى كلام عائشة أنها لم تنكر الحديث الأول، ولكنها ذهبت إلى نسخه بقوله: " لا عدوى " وبفعله - عليه السلام - وقد روى - أيضاً - ذلك عن أئمة السلف عمر وغيره (٥).

وقد ذهب بعضهم - أيضاً - إلى الجمع بين الحكمين بغير طريق النسخ وترك أحد الخبرين بأن أمره - عليه السلام - بتجنب ذلك على سبيل الاحتياط ومخافة ما يقع فى


(١) البخارى، ك الطب، ب الجذام (٥٧٠٧).
(٢) مسلم، ك السلام، ب لا عدوى ولا طيرة حديث رقم (١٠٤).
(٣) رواه الطبرى فى تهذيب الآثار ص ٣١ مسند على، والترمذى ٤/ ٢٣٤ (١٨١٧).
(٤) الطبرى فى تهذيب الآثار ص ٣٠ مسند على، ابن حجر فى الفتح، وقد سكت عنه ١٠/ ١٣٠ ك الطب، ب الجذام.
(٥) تهذيب الآثار ص ٢٨ - ٣١ مسند على، ابن حجر فى الفتح ١٠/ ١٢٩، المنتقى ٧/ ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>