للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٧) باب السحر]

٤٣ - (٢١٨٩) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: سَحَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِىٌّ مِنْ يَهُودِ بَنِى زُرَيْقٍ، يُقَالُ لَهُ: لبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ.

ــ

وقوله: " سحر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يهودى "، وقوله: [" حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشىء وما يفعله " وفى الرواية الأخرى] (١): " حتى أنه يخيل إليه أنه يأتى أهله ولا يأتيهن " الحديث (٢)، قال الإمام: أهل السنة وجمهور العلماء من الأمة على إثبات السحر، وأن له حقيقة كحقائق غيره من الأشياء الثابتة (٣)، خلافاً لمن أنكره (٤) ونفى حقيقته وأضاف ما يتفق منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها. وقد ذكر الله - سبحانه - فى كتابه العزيز، وذكر أنه مما يتعلم، وذكر ما يشير إلى أنه مما يكفر به، وأنه يفرق به بين المرء وزوجه، وهذا كله لا يمكن أن يكون فيما لا حقيقة له، وكيف يتعلم ما لا حقيقة له وهذا الحديث فيه - أيضاً - إثباته، وأنه أشياء دفنت وأخرجت، وهذا كله يبطل ما قالوه.

والذى يعرف [بالعقل] (٥) من هذا أن إحالة كونه من الحقائق محال، وغير مستنكر (٦) فى العقل أن يكون البارى - سبحانه - يخرق العادات عند النطق بكلام ملفق أو تركيب أجسام، أو المزج بين قوى على ترتيب ما لا يعرفه إلا الساحر. ومن يشاهد بعض الأجسام منها قتالة كالسموم، ومنها مسقمة كالأدوية الحادة، ومنها مصحة كالأدوية المضادة للمرض، لم يبعد فى عقله أن ينفرد الساحر بعلم [قوى قتالة (٧)] (٨)، أو كلام مهلك أو مؤد إلى التفرقة.

وقد أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث من طريق ثانية، وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها، وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل، وزعموا أن [تجويز هذا يعدم] (٩) الثقة بما شرعوه من الشرائع، ولعله يتخيل إليه جبريل وليس ثَمَّ ما يراه، أو أنه أوحى إليه وما


(١) سقط من ز، والمثبت من ح.
(٢) البخارى، ك الأدب، ب قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَان} وقوله: {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم} وقوله: {ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّه} وترك إثارة الشر على مسلم أو كافر.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٤٦ تفسير آية (١٠٢) البقرة، وفتح البارى ١٠/ ١٨٢.
(٤) هو أبو بكر الرازى من الحنفية، وأبو إسحاق الاستراباذى من علماء الشافعية، وابن حزم الظاهرى، وهو مذهب عامة المعتزلة والقدرية. المغنى ١٠/ ١١٣.
(٥) من ح.
(٦) فى الأصل: مستو، وهو تصحيف.
(٧) فى الأصل: قباله.
(٨) سقط من الأصل.
(٩) فى ز: يحط بزهد علم، ولا معنى لها، والمثبت من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>