للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٦) باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك فى الحدث فله أن يصلى بطهارته تلك]

٩٨ - (٣٦١) وَحَدَّثَنِى عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، جَمِيعًا عَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدٍ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ؛ شُكِىَ إلى النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّجُلُ، يُخَيَّلُ إِليْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّىْءَ فِى الصَّلَاةِ، قَالَ: " لا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا ".

قَالَ. أَبُو بَكْر وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ فِى رِوَايَتِهِمَا: هُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ.

ــ

وقوله: فى الذى شكا إليه أنه يُخَيَّلُ إليه أنه يجدُ الشىء فى الصلاة فلا ينصرف حتى يسمع صَوْتًا أو يَجِدَ ريحاً. هذا حُكم الشاك فى الحدث المستنكح (١) بلا خلاف لأنه قال: إنه شكا إليه، وهَذا لا يكون إِلا ممن تكرَّر عليه وكثر فأما غيرُ المستنكِح فالشك مؤثِّرٌ فى طهارته ولا يدخلُ الصلاة إِلا بيقين، وأنه يقتطعُ وإن كان فى صلاة، وروى هذا عن مالكٍ، وذهب بعض العلماء إلى أن حكم هذا حكمُ من كان فى الصلاة بخلاف غيرها، وروى مثله - أيضاً - عن مالك، وخصَّ بعضُهم هذا الشك فى الريح دون غيره من الأحداث، وإليه ذهب ابن حبيب من أصحابنا، وقال بعضهم: بل هذا حكم الشاك فى كل حدث، كان فى صلاةٍ أم لا، إذ لا ينتقل عن اليقين للطهارة بالشك، وروى مثله عن مالك أيضاً، وهو قول أئمة الفتوى (٢)، وقد يحتج بقوله فى الحديث الآخر: " فلا يخرجنَّ من المسجد حتّى يسمع صوتاً " ولم يذكر أنه فى الصلاة، وقد يحتج به - أيضاً - من يخصُّه بحديث الريح.


(١) الشك المستنكح هو أحد قسمى الشاك عند المالكية، وهو الذى يعترى صاجه كثيراً، والقسم الثانى هو الشك غير المستنكح، جاء فى المدونة الكبرى: قلت لابن القاسم: أرأيت من توضأ فأيقن بالوضوء ثم شك بعد ذلك فلم يدر أحدث أم لا، وهو شاك فى الحدث؟ قال: إن كان ذلك يستنكحه كثيراً فهو على وضوئه، وإن كان ذلك لا يستنكحه فليعد الوضوء، وهو قول مالك، وكذلك كل مستنكح مبتلى فى الوضوء والصلاة. المدونة الكبرى ١/ ١٤، وانظر: الموسوعة الفقهية ٢٦/ ١٨٨.
(٢) قاعدة (الشك لا يزيل اليقين) أو (اليقين لا يزول بالشك) من أمهات القواعد التى عليها مدار الأحكام الفقهية، حتى إنه قد قيل: إنها تدخل فى جميع أبواب الفقه، والمسائل المخرجة عنها من عبادات ومعاملات تبلغ ثلاثة أرباع علم الفقه.
واعلم أن الشك باعتبار حكم الأصل الذى طرأ عليه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: شك طرأ على أصل حرام، مثل أن يجد المسلم شاةً مذبوحة فى بلد يقطنه مسلمون =

<<  <  ج: ص:  >  >>