للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٩ - (٣٦٢) وَحَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِى بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَليْهِ، أَخَرجَ مِنْهُ شَىْءُ أَمْ لا، فَلا يَخْرُجَنَّ مِنَ المَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا ".

ــ

ومعنى السماع هنا ووجودُ الريح التحقيق، وقد يكون الرجلُ ممن لا يسمع ولا يشم؛ لآفةٍ أو مرضٍ بِه، أو لضعف الخارج مع التحقيق له عن شمِّ الرائحة وسماع الصوت وذهب بعض أصحابنا إلى أن الوضوء لمن يشك فى الحدث إنما هو استحبابٌ، وروى أيضاً عن مالكٍ. وذهب بعض المتأخرين من أصحابنا إلى التفريق بين الشك هل ما (١) وجده حدث أم لا؟ فهذا يلغيه لهذا الحديث وبين الشك فى وجود الحدث منه بعد طهارته فنسيه أو لم يجدهُ (٢)، وأوجب على هذا الوضوء، وهو مقتضى قول ابن حبيب (٣).


= ومجوس، فلا يحل له الأكل منها حتى يعلم أنها ذكاة مسلم؛ لأن الأصل فيها الحرمة ووقع الشك فى الذكاة المطلوبة شرعاً، فلو كان معظم سكان البلد مسلمين جاز الإقدام عليها والأكل منها عملاً بالغالب المفيد للحلية.
القسم الثانى: شك طرأ على أصل مباح، كما لو وجد المسلم ماءً متغيراً، فله أن يتطهر منه مع احتمال أن يكون تغير بنجاسة، أو طول مكث، أو كثرة ورود السباع عليه ونحو ذلك، استناداً إلى أن الأصل طهارة المياه، وقد جاء فى الأثر أن عمر بن الخطاب خرج فى ركب فيهم عمرو بن العاص - رضى الله عنهم - حتى وردوا حوضاً، فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض: يا صاحب الحوض، هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر: يا صاحب الحوض، لا تخبرنا، فإنا نرد على السباع وترد علينا.
القسم الثالث: شك لا يعرف أصله، مثل التعامل مع من أكثر ماله حرامٌ دون تمييز بين المالية لاختلاط النوعين اختلاطاً يصعبُ تحديده، فهذا نصُّ الفقهاء على كراهة التعامل معه خوفاً من الوقوع فى الحرام. الموسوعة الفقهية ٢٦/ ١٨٦.
قلت: وقد ذهب البعض إلى تحريم التعامل معه إعمالاً للقاعدة الفقهية: " إذا اختلط الحرام بالحلال حرم الحلال ".
(١) فى ت: لما.
(٢) يقول الإمام القرافى: إن الشك فى السبب غيرُ السبب فى الشك، ذلك أن الشارع شرع الأحكام وشرع لها أسباباً، وجعل من جملة ما شرعه من الأسباب الشك، فشرعه - حيث شاء - فى صور عديدة، فإذا شك فى الشاة والميتة حرمتا معاً، وسب التحريم هو الشك، وإذا شكَّ فى الأجنبية وأخته من الرضاع حرمتا معاً وسبب التحريم هو الشك، وإذا شكَّ فى عين الصلاة المنسية وجب عليه خمس صلوات، وسبب وجوب الخمس هو الشك، وأذا شكَّ هل تطهَّر أم لا وجب الوضوء، وسبب وجوبه هو الشك.
وعلى ذلك فإن الشك فى السبب يمنع التقرب ولا يتقرر معه حكم، أما السبب فى الشك. وهو ما ذكر من النظائر السابقة - فإنه لا يمنع التقرب، وتتقرر معه الأحكام.
راجع: الفروق للقرافى ١/ ٢٢٥، وتهذيب الفروق ١/ ٢٢٧، إيضاح المسالك إلى قواعد مالك ٢٠١، وكذلك الموسوعة الفقهية ٢٦/ ١٩٠.
(٣) قال ابن خويزمنداد: اختلفت الرواية عن مالك فيمن توضَّأ ثم شكَّ، هل أحدث أم لا؟ فقال: عليه الوضوءُ، وقال: لا وضوءَ عليه.
قال: وهو قول سائر الفقهاء.
قال أبو عمر: مذهب الثورى، وأبى حنيفة، والأوزاعى، والشافعى الباء على الأصلِ حدثاً كان أو طهارة.
وهو قول أحمد، وإسحاق، وأبى ثور، وداود، والطبرى، وقد قال مالك: إن عرض له ذلك كثيراً فهو على وضوء.
انظر: التمهيد ٥/ ٢٧، الاستذكار ٤/ ٣٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>