للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٦٥) باب بيان أن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا وإنه يأرز بين المسجدين

٢٣١ - (١٤٤) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ - يَعْنِى سُلَيْمَانَ بْنَ حَيَّانَ - عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ رِبْعِى، عَنْ حُذَيْفَةَ؛ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْفِتَنَ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: نَحْنُ سَمِعْنَاهُ. فَقَالَ لَعَلَّكُمْ

ــ

وقوله: " فتنة الرجل فى أهله وجاره "، وقوله: " تكفرها الصلاة ... " الحديث. أصل الفتنة فى كلام العرب: الابتلاء والامتحان والاختبار، ثم صارت فى عرف الكلام لكل أمر كشفه الاختبارُ عن سوء. قال أبو زيد: فُتن الرجلُ يُفْتَنُ فتوناً إذا وقع فى الفتنة وتحول عن حال حسَنةٍ إلى سيئةٍ، وفتنة الرجل فى أهله وماله وولده صرفه (١) من فرط محبته لهم وشُحِّه عليهم وشغله بهم عن كثير من الخير، كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَة} (٢)، وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الولدُ مجبنةٌ مبخلةٌ " (٣)، أو لتفريطه فى القيام بما يلزم من حقوقهم ومن تأديبهم وتعليمهم كما قال: " والرجل راع على أهله، وكلكم مسؤول عن رعيته " (٤) وكذلك فتنته فى جاره من هذا، فهذه كلها فتن تقتضى المحاسبة، ومنها ذنوب يرجى تكفيرها بالحسنات، كما قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات} (٥).

قوله: " أجل " بمعنى: نعم. وقوله: " التى تموج كموج البحر ": أى تضطرب ويدفع بعضها بعضاً كموج البحر، وكل شىء اضطرب فقد ماج، ومنه قوله تعالى: {وَتَرَكْنَا


(١) فى ت وق: ضروب، وهكذا أثبتها الأبى والسنوسى. إكمال ١/ ٢٥٠، وبهامشه مكمل الإكمال ١/ ٢٥٠.
(٢) التغابن: ١٥.
(٣) الحديث لفظ الحاكم وابن عساكر عن الأسود بن خلف، وفيه: أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ حسناً فقبله، ثم أقبل عليهم فقال: " إن الولد مجبنةٌ مبخلةٌ "، وأحسبه قال: " مجهلة " والحديث أخرجه ابن ماجه عن عبد الله ابن سلام بلفظ: " الولد مبخلةٌ مجبنة "، كما أخرجه أبو يعلى والبزار عن أبى سعيد بلفظ: " الولدُ ثمرةُ القلب، وإنه مبخلةٌ مجبنةٌ محزنة ". راجع: كشف الخفا ٢/ ٤٧٠.
(٤) البخارى فى صحيحه فى أكثر من موضع، فقد أخرجه فى ك الجمعة، ب الجمعة فى القرى والمدن عن ابن عمر ٢/ ٦، وفى العتق، ب كراهية التطاول على الرقيق عن عبد الله بن مسعود ٣/ ١٩٦، وفى الوصايا، ب تأويل قول الله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّة} ٤/ ٦، وفى الأحكام عن ابن عمر ٩/ ٧٧، كما أخرجه أبو داود فى الخراج، والترمذى فى الجهاد، ب ما جاء فى الإمام عن ابن عمر كذلك ٤/ ١٨٠، وأحمد فى المسند ٣/ ٥، ٥٤، ١١١، ١٢١، والبيهقى فى السنن ٦/ ٢٨٧، ٧/ ٢٩١، ٨/ ١٦ إلخ.
(٥) هود: ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>