للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٣٧) باب ترك الصلاة على القاتل نفسه]

١٠٧ - (٩٧٨) حدّثنا عَوْنُ بْنُ سَلامٍ الْكُوفِىُّ، أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: أُتِىَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ.

ــ

وقوله: " أتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يُصلِّ عليه ": المشاقص: واحدها مشقص، وهو سهم عريض، وقد تقدم أول الكتاب. وجاء فى رواية الطبرى: " بمشقاص " (١). وليس بشىء.

قال الإمام: المخالف يقول بهذا، ومالك يجيز الصلاة على قاتل نفسه، ويصح حمل الحديث على أنه إنما ترك الصلاة هو بنفسه عليه خاصة، ليكون ذلك ردعاً للعصاة كما لا يصلى الإمامُ على من قُتِلَ فى حدٍّ.

قال القاضى: قد روى ابن وهب عن مالك نحو هذا فى ترك أهل الفضل الصلاة على من شُهِّر بالفجور، ومذهبه ومذهب كافة العلماء: الصلاة على كل مسلم محدود ومرجوم، وقاتل نفسه، وولد زنا، وغيره إلا ما روى عنه وعن غيره من اجتناب الإمام الصلاة على من قتله فى حدٍ، واجتناب أهل الفضل الصلاة على أهل الفسوق، كل ذلك [ردع] (٢) لأمثالهم لا أن ذلك متعين عليهم، وعليه يتأول بعضهم ما جاء عن الأوزاعى وعمر بن عبد العزيز، فى ترك الصلاة عن قاتل نفسه.

وجاء عن بعض العلماء والسلف خلاف فى بعضها، فعن الزهرى لا يُصلَّ على المرجوم (٣) ويصلى على المقتول فى قود. وقال أحمد: لا يصل الإمام على قاتل نفسٍ، ولا غالٍ. وقال أبو حنيفة: لا يصل على محارب، ولا على مَنْ قتل من الفئة الباغية، وقال الشافعى: لا يصل على من قتل لترك الصلاة، ويصلى على مَنْ سواه، وعن الحسن: لا يصل على النفساء تموت من زنا، ولا ولدها، وقاله قتادة فى ولد الزنا.

عن بعض السلف خلاف فى الصلاة على الطفل الصغير، لما جاء أن النبى - عليه السلام - لم يصل على إبراهيم، وقد جاء أنه صلى عليه، ذكر الحديثين أبو داود (٤)


(١) وردت فى الأصل: بمشاقص، والمثبت من س والأبى.
(٢) فى س: ردعًا.
(٣) قال عبد الرزاق فى مصنفه: عن معمر قال: سألت الزهرى: أيصلى على الذى يقاد منه فى حد؟ قال: نعم، إلا من أقيد منه فى رجم، وروى عنه أيضًا أنه قال: لا يصلى على المرجوم، وذكر الحديث: أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجم الأسلمى فلم يصل عليه. انظر: عبد الرزاق ٣/ ٥٣٥.
(٤) أبو داود، ك الجنائز، ب فى الصلاة على الطفل ٢/ ١٨٤، ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>