للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وغيرُه (١)، والصلاة أثبت. وقد اعتل من سلم ترك الصلاة عليه، بعلل ضعيفة؛ منها: شغل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصلاة الكسوف ذلك اليوم. ومنها: أنه لم يُصلِّ عليه لأنه استغنى بنبوة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفضيلتها عن الصلاة. وقيل: [لأنه] (٢) لا يُصلَّى على نبى وقد جاء أنه لو عاش لكان نبيًا (٣)، وقيل: معناه: لم يصل عليه بنفسه وصلى عليه غيرهُ.

وكذلك اختلفوا فى الصلاة على السقط فذهب فقهاء أصحاب الحديث وبعض السلف [إلى الصلاة عليه، وجمهورهم: لا يصلى عليه حتى يستهل، أو تعرف حياته. وذهب بعض السلف] (٤) إلى أنه يصلى عليه متى نفخ فيه الروح وتمت له أربعة أشهر.

قال الإمام: وأما الصلاة على المقتول فى معترك العدو وغسله فساقطان عند مالك، ثابتان عند غيره. وفرّق أبو حنيفة بين الغسل والصلاة، فأثبت الصلاة وأسقط الغسل.

واختلف أصحابنا لو كان الشهيد جنبًا، هل يغسل أم لا؟ وللشافعى - أيضاً - فيه قولان. فوجه قول من أسقط الصلاة: ما رُوى " أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُصَلِّ على قتلى أحُد (٥) "، وكان التحقيق يقتضى ترك الأخذ بهذا الحديث؛ لأنه علّل ترك الصلاة عليهم بعلة معينة لا يعلم تعديها إلى سواهم [من الشهداء] (٦)، وهى بعثهم يَومْ القيامةِ لون دمِهم لون الدم والريح ريحُ المسكِ، والعلة إذا كانت معينة لا تتعدى وقد مرّ مالك على هذا الأصل المحقق فى تطييب المحرم إذا مات؛ لأن الحديث المروى فيه النهى أن تطيب المحرم علله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه يبعث ملبياً (٧). وقد اعتذر بعض شيوخنا عن مالك أنه إنما خالف بين المسألتين وإن كانت العلة فيهما معينة؛ لأنه رأى عمل أهل المدينة قد استقر على ترك الصلاة على الشهيد، وهو يرى عملهم حجة، فعوَّل عليه لا على الأثر، وأما الشافعى فهو (٨) يرى [أن] (٩)


(١) ابن ماجة، ك الجنائز، ب ما جاء فى الصلاة على ابن رسول الله وذكر وفاته عن ابن عباس، قال: لما مات إبراهيم ابن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن له مرضعًا فى الجنة ... " الحَديث. قال فى الزوائد: فيه إبراهيم بن عثمان أبو شيبة ١/ ٤٨٤.
(٢) فى س: أنه.
(٣) البخارى، ك الأدب، ب من سمى بأسماء الأنبياء عن ابن أبى أوفى أنه قال: مات صغيرًا، ولو قضى أن يكون بعد محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبى عاش ابنه، ولكن لا نبى بعده ٨/ ٥٤، وكذا ابن ماجه، ك الجنائز، ب ما جاء فى الصلاة على ابن رسول الله وذكر وفاته ١/ ٤٨٤.
(٤) فى هامش الأصل.
(٥) البخارى، ك الجنائز، ب الصلاة على الشهيد ٢/ ١١٤، ب من يقدم فى اللحد ٢/ ١١٥، ك المغازى، ب من قتل من المسلمين يوم أحد ٥/ ١٣١.
(٦) سقط من س.
(٧) سيأتى إن شاء الله تعالى فى، ك الحج، ب ما يفعل بالمحرم إذا مات برقم (١٢٠٦).
(٨) فى ع: فإنه.
(٩) فى س: إلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>