وذكر مسلم أحاديث اختصام سعد بن أبى وقاص وعبد بن زمعة فى ابن وليدة زمعة؛ وقول سعد:" ابن أخى عهد إلى أنه ابنه، انظر إلى شبهه "، وقول عبد:" أخى، ولد على فراش أبى من وليدته "، وقوله:" فرأى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شبهاً بيناً بعتبة "، وقوله:" هو لك يا عبد، الولد للفراش، وللعاهر الحجر، واحتجبى منه يا سودة "، قالت: فلم ير سودة قط، قال الإمام: يتعلق بهذا الحديث فصول، منها: بماذا تكون الأمة فراشًا؟ [وبماذا تكون الحرة فراشاً؟](١) وما الفرق بين الحرة والأمة فى ذلك؟ فأما الحرة فتكون فراشًا بالعقد وهذا متفق عليه.
قال القاضى: هذا لشريطة إمكان الوطء ولحوق الولد فى مدة يلحق الولد من مثلها، هذا قول عامتهم، وشذ أبو حنيفة فشرط مجرد العقد وقال: لو طلق عقيب العقد من غير إمكان وطء، فجائت بولد لستة أشهر من حينئذ لحق به.
قال الإمام: وأما الأمة فإنها تكون فراشاً بالوطء عندنا، فإذا جاءت بولد بعد اعتراف سيدها بوطئها وثبوت ذلك عليه إن أنكره لحق به الولد إلا أن ينفيه بعد دعوى الاستبراء فينتفى منه. واختلف فى يمينه ذلك على قولين.
وقال أبو حنيفة: إنما يكون فراشاً إذا ولدت ولداً سيلحقه، فما جاءت به بعد ذلك فهو ولده إلا أن ينفيه، وتعلق في ذلك بأن الأمة لو كانت فراشاً بالوطء لكانت فراشاً بالعقد كالحرة، وبأن ذلك يوجب أن يتعلق بها ما يتعلق بالحرة من الأحكام على صاحب الفراش، وهذا الذى قاله غير صحيح؛ لأن الحرة إنما تراد للوطء خاصة، فالعقد على نكاحها أُنزل فى الشرع منزلة وطئها. ولما كان هذا المقصود به والأمة تشترى لأشياء كثيرة غير الوطء، فلم يجعل العقد عليها يصيّرها فراشاً، فإذا حصل الوطء ساوت الحرة هاهنا فكانت فراشاً.