للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ى- اعتماد صاحبه فى البيان كثيراً على أصول النسخ من مراجع اختلف النقل عنها، مما أعاننى على تصويب ما جاء فى تلك المراجع المتداولة. وذلك مثل ما جاء فى تعليقه على قول المازرى فى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا جلس بين شعبها الأربع "، حيث قال: " قال الإمام: قال الهروى: قيل: هى اليدان والرجلان. وقيل: بين رجليها وفخذيها ".

ثم عقب على ذلك فقال: " الذى عندنا فى أصل الهروى الذى سمعناه: بين رجليها وشفريها " (١).

ك- تنوع مصادره فى شرحه للحديث، فقد راجع كثيراً من الأدباء واللغويين، وكثيراً من أئمة الرواية والفقه، فوق استعانته بغيرهم من المؤلفات.

رابعاً: عنايته بالجوانب الفقهية فى الحديث:

أ- بيان قيمة ما ذهب إليه أصحاب الحديث فى المسائل الفقهية، ففى حديث ابن عمر: " وإذا قام من الركعتين رفع يديه " قال: " وذكره أبو داود فى حديث أبى حميد الساعدى فى عشرة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروى عن بعض أهل الحديث الرفع عند السجود والرفع منه، وقد جاءت بذلك آثار لا تثبت، وليس هذا الرفع بواجب ولا شىء منه عند العلماء، إلا داود فأوجبه عند تكبيرة الإحرام، وخالفه بعض أصحابه فلم يوجبوه، وقال بعضهم: هو واجب كله، قال بعض المتكلمين: كان شرع الرفع فى أركان الصلاة أولاً علامة للاستسلام، لقرب عهدهم بالجاهلية، والإبانة عن الإسلام، فلما أنسُوا بذلك، واطمأنت قلوبهم، خفف عنهم، وأبقى فى أول الصلاة علامة على الدخول فيها لمن لا يسمع التكبير " (٢) خير مثال لذلك.

ب- توثيق بعض الفتاوى الفقهية (٣)، وذلك كقوله فى التيمم: " وكلام عبد الله وأبى موسى فى تيمم الجنب يدل على أن مذهب ابن مسعود كان لا يتيمم ولا يصلى حتى يجد الماء، ثم روى أنه رجع بعد إلى التيمم، هذان القولان معروفان، وقد حكى عنه أن من قوله: لا يغتسل إذا تيمم، ولكنه إذا أحدث توضأ للصلاة، وهذا لا يصح عنه ولا عن أحد من العلماء، إلا أبا سلمة بن عبد الرحمن وحده ".

جـ- التنبيه على أصول الفقه والفتوى لأهل الحديث، مما جعل هذا الكتاب مرجعاً هاماً لذلك الموضوع، ففى مسألة الترجيع فى الأذان ردَّ اختيار أهل الحديث فيها إلى أصلهم فى تلك المسألة بأنه إذا صحت الأحاديث واختلفت ولم يعرف المتأخر من المتقدم، أنها للتوسعة والتخيير (٤)، ثم إنه أحياناً يوجه الأحكام الفقهية بعد أن يجمع


(١) إكمال، لوحة ٧٤/ ب.
(٢) إكمال، لوحة ٨١/ ب.
(٣) إكمال، لوحة ٤٣/ أ.
(٤) راجع فى ذلك: حديث الأذان وتعليم النبى لأبى محذورة فيه التكبير أولاً مرتين. وما جاء فى بعض طرق الفارسى: الأذان أربع مرات. إكمال، لوحة ٧٠/ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>